السيسى.. والأسلحة الفاسدة
محمد عصمت
آخر تحديث:
الثلاثاء 22 أكتوبر 2013 - 8:00 ص
بتوقيت القاهرة
لن يكون الاعتداء الخسيس على كنيسة العذراء بمنطقة الوراق أمس الأول، هو الحادث الإرهابى الأخير من نوعه الذى قد يستهدف المسيحيين فى مصر، فطاحونة الإرهاب لن تتوقف عن الدوران بحثا عن المزيد من الدماء، وتشديد الحراسة على الكنائس لن يحول دون سقوط المزيد من الضحايا الأبرياء، مادامت السلطة الحاكمة فى مصر الآن عاجزة عن تقديم برنامج سياسى ــ اقتصادى يحقق أهداف ثورتى 25 و30 يونيو فى الحرية والعدالة الاجتماعية.
ما يثير القلق، أن السلطة فى مصر الآن تخوض معركتها ضد الإرهاب بـ«أسلحة فاسدة»، أو على الأقل غير مطابقة لمواصفات المرحلة الراهنة، حينما تتجاهل تماما تطلعات ملايين المصريين من الفقراء فى بناء نظام سياسى جديد يتوجه نحو حل أزماتهم الاقتصادية المتفاقمة والتى ازدادت صعوبة فى ظل حكومة الببلاوى، وتعتمد فقط على المواجهات الأمنية ضد المتطرفين والإرهابيين، أوالمخدوعين بحكم الإخوان، أو هؤلاء الذين يعتقدون أن ما حدث فى 30 يونيو كان انقلابا عسكريا محضا ويشاركون فى مظاهرات الإخوان اعتراضا على ما يرونه إعادة تأسيس الحكم العسكرى فى مصر.
وإذا كان الفريق السيسى بشجاعة فائقة قد وضع رقبته فوق يديه، وهو يستجيب لنداء الغالبية العظمى من المصريين فى الإطاحة بكابوس الإخوان، وإنهاء مخططهم الشيطانى فى سرقة ثورة 25 يناير، بل وسرقة الدولة المصرية نفسها لصالح تنظيمهم العالمى، فإن فشل حكومة الببلاوى فى عملها سيكون هو أقصر طريق لسقوط ثورة يونيو أيضا، بل ودخول المصريين فى حرب أهلية، لا شك أن الإخوان وشركاؤهم فى الغرب يخططون لإشعالها، ويعدون المسرح لها عبر نشر الفوضى وتصعيد عمليات الإرهاب ضد قوات الأمن والمدنيين أيضا!
حكومة الببلاوى تواجه خصوما نصفهم يعمل فى الظلام ويستهدفون إنهاك البلد فى معارك مسلحة تستهدف إضعاف الجيش والشرطة وصرفهما عن القيام بواجباتهما الأصلية فى حفظ الأمن الداخلى وحماية الحدود، والنصف الآخر يستهدف استنزاف طاقتها بمظاهرات تثير الفوضى فى الشوارع، وتتحرش برجال الأمن بغية سقوط عشرات القتلى من هؤلاء المتظاهرين، ليتم توظيف دمائهم فى تشويه صورة هذه السلطة فى دول الغرب، على أمل تكرار تجربة الجيش السورى الحر فى مصر، وقيام هذه الدول فى نهاية المطاف بإرسال أسلحة إلى الجيش المصرى الحر الذى دعا إلى تشكيله أسماء كبيرة محسوبة على جماعة الإخوان!
السيسى قام بما يتحتم عليه القيام به، ويبقى أن تقوم حكومة الببلاوى بدورها فى تنفيذ برنامج يحقق مصالح غالبية المصريين الذين أسقطوا الفاشية العسكرية الفاسدة تحت حكم مبارك، والفاشية المتمسحة بالدين والأكثر فسادا تحت حكم تنظيم الإخوان، لا أن تهدر وقتها فى إصدار قوانين مريبة ومعيبة مثل قانون التظاهر أو قانون الإرهاب، يدرك الجميع ــ وأولهم الببلاوى نفسه ــ أنهما لن يمنعا المتطرفين من إطلاق الرصاص على الكنائس، أو على قوات الجيش والشرطة.