اختيار مجتبى بديلا لخامنئى يُظهر ضعف الجمهورية الإسلامية

العالم يفكر
العالم يفكر

آخر تحديث: الجمعة 22 نوفمبر 2024 - 6:30 م بتوقيت القاهرة

 أفادت صحيفة «إيران إنترناشيونال»، فى 16 نوفمبر 2024، وهى صحيفة مستقلة ناطقة بالفارسية ولها سجل حافل بالأخبار الكبرى، أن مجلس خبراء القيادة الإيرانى، وهو هيئة دينية مكلفة بتعيين مرشد أعلى جديد عند وفاة أو عجز المرشد الحالى، قد عين سرًا مجتبى خامنئى، الابن الثانى للمرشد الأعلى على خامنئى، ليكون خليفته.

يبلغ خامنئى من العمر 85 عامًا. ويشير الكاتب إلى إصابته بمرض سرطان البروستاتا، كما أصيب بشلل جزئى بعد محاولة اغتياله فى عام 1981، وتكثر الشائعات حول أزمات صحية أخرى. من الواضح أن المرشد الأعلى فى أواخر حياته (طبقا لقول الكاتب)، فى حين أن والده، السيد جواد خامنئى، عاش حتى بلغ التسعين من عمره. ورغم أن التقارير التى تتحدث عن دخوله فى غيبوبة كاذبة ــ فقد ظهر على شاشة التلفزيون الإيرانى إلى جانب سفيره فى لبنان ــ فإن سيناريوهات الخلافة لا تزال تمارس كلعبة فى صالونات إيرانية.

لم يكن هناك سوى خلافة واحدة فى تاريخ الجمهورية الإسلامية: فى 3 يونيو 1989، توفى آية الله العظمى روح الله الخمينى، مؤسس الجمهورية الإسلامية، عن عمر يناهز 86 عامًا. ويشير الكاتب إلى تمتعه بكاريزما ومؤهلات دينية متفوقة على خامنئى. عين الخمينى، قبل وفاته، الخامنئى خليفة له، لسببين هما: لم يكن زعيمًا فصيليًا، ولم يكن قويًا. فى دوائر آيات الله، كانت مؤهلات الخامنئى الدينية دون المستوى. باختصار، كان كل ما أراده رؤساء الفصائل فى مرشح واحد، ضعيفًا وعديم اللون.

لكن المفاجأة أن خامنئى خيب آمالهم. فعمد ببراعة ومهارة إلى تطهير البيروقراطية من رجال الخمينى واستبدلهم برجاله. كما بنى موارده الخاصة تحت ستار إمبراطورية تجارية ضخمة، تبلغ قيمتها اليوم أكثر من 100 مليار دولار، من أجل ضمان عدم اضطراره إلى الاعتماد على الآخرين. وعندما بلغ ابنه مجتبى سن الرشد، جعله رئيسًا لمكتبه بحكم الأمر الواقع، وإن كان بشكل غير رسمى، حتى يتمكن من تعلم إدارة الأعمال العائلية.

معلومة إضافية، لم يكن مكتب المرشد الأعلى تحت قيادة خامنئى المؤسسة الوحيدة التى بنت لنفسها قاعدة قوة مستقلة. فقد برز الحرس الثورى الإسلامى خلال الحرب الإيرانية العراقية فى الفترة 1980-1988 ولم يرغب فى العودة إلى الثكنات عندما وافق الخمينى على وقف إطلاق النار. وبدلاً من ذلك، دخل الحرس الثورى الإسلامى الاقتصاد المدنى. وبعد خمسة وثلاثين عامًا، يسيطر الحرس الثورى على ما يصل إلى 40٪ من الاقتصاد الإيرانى.

طبقا لما ورد ذكره، يزيد هذين العاملين السابقين (الإمبراطورية الاقتصادية لخامنئى والحرس الثورى) من احتمالات انتشار الشائعات حول جهود خامنئى لضمان خلافة مجتبى. فمن المؤكد أن الدائرة الداخلية لخامنئى والحرس الثورى الإيرانى لا يرغبوا فى المخاطرة بممتلكاتهم وسلطتهم الهائلة لصالح إدارة جديدة. إن القضية بالنسبة للعديد من مساعدى خامنئى بمثابة مسألة حياة أو موت حرفيا ــ إذ سيتخلص الزعيم الجديد بسرعة من أولئك الذين يعتبرون موالين لسلفه.

يدرك خامنئى وحاشيته أن مجتبى سوف يكون اختيارًا مثيرًا للجدال. لذا هاجم الخمينى الشاه بسبب فكرة الزعامة الوراثية. الطبيعى أن رجال الدين يعدون بالكفاءة، لكن الموضوع مختلف مع مجتبى فهو لا يتمتع بالهيبة التى يتمتع بها آيات الله العظام، بل إن أغلب الإيرانيين يرون فيه إشارة إلى أن الجمهورية الإسلامية أصبحت ملكية فى كل شىء باستثناء الاسم.

إن العواقب المترتبة على خلافة مجتبى عظيمة. سوف يظل افتقاره إلى المؤهلات الدينية نقطة ضعفه، ولكن ربما يكون هذا ما يريده الحرس الثورى الإسلامى. فرغم أن الحرس الثورى الإيرانى قد لا يريد دكتاتورية عسكرية صريحة، لكنه يعتقد أنه قادر على الحكم المطلق خلف واجهة دينية يستطيع مجتبى توفيرها.

معلومة أخيرة، يوضح الكاتب أنه إذا احتاج الحرس الثورى الإيرانى إلى مجتبى لتعزيز دكتاتورية الحرس العسكرية فإنه سيمثل فى نظر أولئك الذين يسعون إلى زوال الجمهورية الإسلامية صورة الرجل الميت الذى يسير على قدميه. نهاية القول، يوضح الكاتب أن حياة خامنئى وولده ليست بأمان مشيرا إلى احتمالية مواجهة عائلته ثأر الدم من أفراد أسر الضحايا الرياضيين والمعارضين والنساء الذين يشعرون أنهم ليس لديهم ما يخسرونه. وفى الوقت نفسه، أظهرت إسرائيل أنها قادرة على التصرف بدقة هائلة باغتيالها عدد من كبار القادة. ويضيف الكاتب أن موت خامنئى وابنه معًا سيشكل فراغا قياديا لا يستطيع أى رجل دين أن يملأه.

مايكل روبين: ينتمى إلى أقصى تيارات اليمين المحافظ فى الولايات المتحدة

American Enterprise Institute

ترجمة وعرض: وفاء هانى عمر

النص الأصلى:

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved