عبقرية الزمان وامتداده للمكان
الأب رفيق جريش
آخر تحديث:
الأحد 22 ديسمبر 2013 - 9:05 ص
بتوقيت القاهرة
يقولون إن للمكان عبقرية وهذا صحيح، ولكن الأصح أن الزمان هو العبقرية عندما نجعله كذلك. عندما نحفر فيه تاريخنا وأعمالنا فلا نذهب مع الريح.
المكان هو الذى نولد فيه والبيئة التى نكبر فيها وهو الذى فى الغالب نتشبث به فهو رمز أصالتنا وانتمائنا والتزامنا، والمكان هو دائرتنا الأولى الذى يحتوينا فهو حولنا ومعنا قد يكون وطنا أو أرضا أو مدينة أو قرية أو مقر عمل أو مسكنا أو غيره ولأنه لصيق لنا فنحن دائما مستعدون أن ندفع العرق والمال والدم من أجله ومن أجل الإبقاء عليه فقد أصبح المكان أيا كان جزءا لا يتجزأ من هويتنا فهو مطبوع فينا ويعبر عن وجودنا، كما أيضا يشهد موتنا، حيث نتوارى ترابه.
أما الزمان فهو يمتد إلى ماهو أبعد وأسمى وأرقى من المكان فالفعل الذى يفعله الإنسان مهما كان خيرا أو شرا يُحفر فى الزمان وأى علاقة بين إنسان وإنسان يشهد له الزمان فيُكرم أو يُلعن، يظل حاضرا أو يفنى حيا فى الذاكرة أو ميتا وهذا ما يحدده الإنسان بنفسه باختياره وحريته إما أن يكون جزءا من المكان فيرجع إلى التراب أو يكون جزءا من الزمان خيرا أو شرا، فإذا كان من الأشرار سيذكر معهم ويلعن معهم وإذا كان من الأخيار سيكون محفورا فى ذاكرة الزمان مع الشهداء والقديسين والعظماء والعلماء الذين ساهموا قليلا أو كثيرا فى رقى الإنسان لذا يظل الزمان امتدادا للمكان وهنا عبقرية الزمان والاختيار لك يا عزيزى القارئ