فكرة لبكرة يا معالى الوزيرة
سيد محمود
آخر تحديث:
السبت 22 ديسمبر 2018 - 11:35 ص
بتوقيت القاهرة
حصدت صورة الدكتورة إيناس عبدالدايم وزيرة الثقافة خلال عزفها على آلة الفلوت بجامعة المنيا قبل أيام العديد من علامات الإعجاب ونالت حظا وافرا من المشاركة وتبادل عبارات التقديرعلى مواقع التواصل الاجتماعى.
وعكس هذا الاهتمام تقديرا وإعجابا بفن الوزيرة التى لم تمنعها قيود المنصب من أداء فاصل من العزف الراقى الذى اعتدناه منها كعازفة مقتدرة.
وأتصور أن هذه الصورة قد تكون مدخلا لنقاش ضرورى حول السياسات الثقافية لأنها كشفت قبل كل شىء عن تعطش جمهور الصعيد للموسيقى.
والمنيا بالذات عانت فصولا متتابعة من الإرهاب الدينى وعمليات من التهميش والإقصاء بإسم التطرف وهى لا تزال مستمرة إلى الآن بينما كانت قبل سنوات تتمتع بنشاط ثقافى جبار كانت تقف خلفه جمعية «الجزويت» التى تابعت من مسارحها عروضا مسرحية رائعة للفنان الكبير حسن الجريتلى وحفلات لوجيه عزيز وكورال جمعية الصعيد الذى لا أعرف مصيره الآن.
وكان لدى المنيا قبل 15 عاما فى تلفزيون الصعيد برامج ثقافية رفيعة المستوى تهتم بالسينما والأدب يعدها ويقدمها المذيع المتميز ايهاب دكرورى وتحظى باهتمام مثقفى مصر وللأسف توقفت كلها وانقطعت صلة المثقفين بهذه المدينة التى كانت عن جدارة عروس الصعيد ولذلك أعجبنى جدا أن تبادر الوزيرة برعاية أول حفل لفرقة «كايرواستبس» فى المنيا ضمن جولات الفرقة خارج القاهرة والإسكندرية.
وقد تابعت من المسرح سلسلة من جولات الفرقة التى أسسها الفنان المتميز باسم درويش فى المانيا وبدأت تجنى نجاحا لافتا فى السنوات الأخيرة، ويركزعملها على فكرة الحوار الموسيقى إلى جانب تقديم أنماط من الموسيقى التى تمزج بين فنون الإنشاد الدينى والابتهال والترانيم الكنسية فضلا عن أشكال من الموسيقى المصرية القديمة يجرى تقديمها فى قالب معاصر أقرب إلى «الجاز الشرقى» ويؤديها عازفون من جنسيات مختلفة على قدر عال من الاحتراف وسبق للوزيرة أن شاركت مع الفرقة فى أكثر من حفل داخل مصر وخارجها، إلى جانب الفنان الكبير على الحجار
وفى الوقت الحالى تعتمد الفرقة على حوارية إنشادية بين المرنم ماهر فايز والمنشد الدينى على الهلباوى.
وخلال متابعتى لما نشر عن الحفل الأخير لفت نظرى تعبير «لم الشمل» الذى اختاره باسم درويش عنوانا لجولته فى مسقط رأسه «المنيا»
وعلى قدر ما فى التعبير من «نوستالجيا» إلا أنه يشير إلى حاجة الثقافة إلى «لم شمل» وقد يكون الحفل خطوة لكشف واقع مؤلم للثقافة فى الأقاليم.
وأتمنى من قلبى أن تعزف الوزيرة شخصيا مرة كل شهر بالتتابع فى قصور الثقافة بالمحافظات، وفى هذه الحالة سنجنى الكثير من المكاسب لأن حضورها كعازفة ومسئولة مع فرق الأوبرا سيكون ضمانة لاهتمام جماهيرى واعلامى تحتاج إليه الأقاليم وستؤدى مبادرة من هذا النوع إلى توجيه عناية المحليات للعمل الثقافى الذى لا يحظى بأى تقدير فى أغلب المحافظات كما قد يكون حافزا لمديريات الثقافة للاهتمام بالبنية التحتية للمواقع الثقافية خارج القاهرة ونملك منها ما يزيد على 500 موقعا لا يعمل أغلبها لأسباب مختلفة.
وأعتقد أن حضور الوزيرة لمؤتمر أدباء مصر الأسبوع الماضى وضع أمامها الصورة كاملة وعرفت عبر نقاشاتها مع الكتاب حقيقة حالة الثقافة فى الأقاليم التى لا تسر «عدوا أو حبيبا».