يجب عدم إبداء أى قدر من التسامح مع الاحتلال
من الصحافة الإسرائيلية
آخر تحديث:
الأربعاء 23 أبريل 2014 - 8:00 ص
بتوقيت القاهرة
• فى أثناء وجودى فى أستراليا مؤخرا حدثت أمور لابد من التوقف عندها.
• لقد كانت أستراليا دائما واحدة من أكثر الدول فى العالم ودا تجاه إسرائيل بسبب تضافر البعد الجغرافى ونشاط مجموعات ضغط يهودية عظيمة النفوذ وعقلية مستقلة متأثرة ببريطانيا وانعدام أى تأثير لمجموعات الضغط العربية. لكن يبدو أن شيئا ما بدأ ينكسر حتى هنا.
• فى 10 فبراير الماضى بثّت قناة التلفزة المحلية «إى. بى. سى» تقريرا بعنوان «عدل بارد مثل الحجر» جرى تعريفه على أنه «تحقيق خاص»، ووصف تنكيلا منهجيا من طرف جهاز الأمن الإسرائيلى بأولاد فلسطينيين صغار: اعتقالات جماعية لأولاد دون سن العاشرة تحت جنح الظلام، واستعمال كلاب صيد، وعمليات تعذيب جسدية ونفسية فظيعة تشمل ضربات كهربائية وغير ذلك. وبدت مقنعة جدا، إذ إنها تعتمد على شهادات ميدانية، ويعززها إسرائيليون منهم أعضاء جماعة «فلنكسر الصمت» ومحامون يمثلون معتقلين فلسطينيين. واختتم التقرير بخطاب لدانييلا فايس (أحد قادة المستوطنين) تؤكد فى سياقه أن إسرائيل لا تستعمل وسائل عنيفة ضد الفلسطينيين فحسب، بل أيضا تلجأ إلى استعمال طرق لقمع الأولاد الصغار بغية طرد السكان الفلسطينيين من المناطق (لمحتلة).
• واضح أن التقرير تقرير كاذب وفظيع ويعيد إلى الأذهان الفرية اللاسامية التى شاعت فى القرون الوسطى بشأن شهوة اليهود لدم الأولاد. ومع ذلك فقد أثار عاصفة كبيرة لم تهدأ منذ ذلك الوقت.
• كما نُشرت مذكرات بوب كارل وزير الخارجية الأسترالى السابق التى صبت الزيت على النار. فقد هاجم كارل السياسة الأسترالية الخارجية فى كل ما يتعلق بإسرائيل واصفا إياها بأنها «مخجلة» و«ليكودية» وخاضعة بالكامل لتأثير مجموعات الضغط اليهودية المحلية الثرية.
• وتسبب التقرير التليفزيونى بصدمة كبيرة فى أوساط الجالية اليهودية فى أستراليا، ولا سيما أن وسيلتى الإعلام اللتين قامتا بتسويقه سبق أن وقفتا إلى جانب إسرائيل فى أحلك ساعات الانتفاضة الفلسطينية، وباءت كل الجهود التى بذلها رؤساء هذه الجالية لمنع نشره بالفشل.
• ويمكن أن نضيف إلى ذلك أن التعقيب الإسرائيلى على التقرير الذى ورد من طرف الجيش ووزارة الخارجية كان متلعثما وغير حازم بقدر كافٍ. لكن ليس هذا هو الدرس المركزى الذى يجب استخلاصه. إن الدرس المهم هو أنه حتى فى أماكن مناصرة جدا لنا بدأت الأمور تتغير نحو الأسوأ.
• وحينما يكون الحديث عن منتَج فاسد من الأساس، تحدث ظاهرتان مصاحبتان خطرتان أخريان: أولا، أن كل منتَج يأتى من طرف المنتِج، أى إسرائيل، يُنسب فورا إلى نفس المصنع الإشكالى؛ ثانيا، يصبح من السهل أن تُلصَق بالمنتَج الفاسد أيضا أمور لا تمت إلى الواقع بصلة مثل التحقيق التليفزيونى حول تعذيب الأولاد.
• إن هاتين الحادثتين فى أستراليا يجب أن تكونا محفزا لعدم إبداء أى قدر من التسامح مع الاحتلال. ولا شك فى أن المقاربة التى أخذت قوى متعددة من الأسرة الدولية تتبناها حيال إسرائيل على خلفية الاحتلال، تُعيد إلى الأذهان بقدر كبير مقاربة هذه الأسرة نفسها حيال نظام الفصل العنصرى فى جنوب إفريقيا. ومع أن هذه المقاربة تسببت بانهيار ذلك النظام فى سنة 1992 بعد أن أصبح منبوذا، إلا أنه كان بالإمكان منذ منتصف ثمانينيات القرن الماضى ملاحظة إشارات واضحة إلى أن العالم قد ضاق ذرعا باستبداد الأقلية البيضاء العنصرى. كما كان هناك عدد غير قليل من الخبراء والصحفيين والساسة الذين توقعوا أن يؤول نظام الفصل العنصرى إلى الانهيار، إلا أن رؤساء دولتين فقط زعموا خلاف ذلك: جنوب أفريقيا وحليفتها إسرائيل.
• يجدر بنا أن نقرأ مثل هذه الإشارات هذه المرة بصورة أفضل قبل أن نصبح نحن أيضا معزولين عالميا.