الإسراف والإهدار ورقابة الضمير
الأب رفيق جريش
آخر تحديث:
السبت 23 يونيو 2018 - 9:45 م
بتوقيت القاهرة
يُعتَبر الإسراف سلوكا اجتماعيا غير مرغوب فيه، يعيشه مجتمعنا كل يوم وينحصر بعضه فى بلدنا. فقد نجح إعلامنا فى تشكيل وجدان الناس وتحويلهم إلى أداة لا هم لها إلا الإنفاق والسعى وراء الاستهلاك الترفى وإهدار الأموال والثروات بشكل يحمل مخاطر تهدد استقرار الفرد والمجتمع.
حان الوقت ــ إن لم يكن متأخرا ــ أن يتعلم شعبنا وحكومتنا على حد سواء «عدم الإهدار» أى التقشف وترتيب الأولويات وعدم الصرف والإسراف فى المظهرية الكذابة بعد زيادة أسعار البنزين والكهرباء وبالتالى تعريفة المواصلات إن كان «تاكسى» أو «سرفيس» ورويدا رويدا بقية السلع بحجة هذه الزيادة.
هناك تصرفات وسلوكيات تتزايد فى مجتمعاتنا يوما بعد يوم فمازلنا نرى عمال القهاوى والجراجات وغيرهم يرشون الرصيف بالمياه النقية الصالحة للشرب فى حين يحرم منها كثير من الناس؟! مع العلم بأن هذه المياه قد كلفت الدولة ملايين بل مليارات الجنيهات لتصبح صالحة للشرب وليس للرش فى الشوارع، وأيضا الذين يأخذون فوق حاجتهم من الخبز والدقيق، سواء كان مدعما من الحكومة أو لا، ثم يلقون بالفائض بعد ذلك إما طعاما إلى الدواجن أو فى صناديق القمامة. ومازلنا نرى جشع بعض التجار فى رفع الأسعار ولا تطولهم يد الرقابة أو العدالة ومازلنا نرى سائقى التاكسيات ووسائل المواصلات الأخرى يساومون الركاب مهما فعلت الشرطة من رقابة، فالموضوع هو موضوع رقابة الضمير الشخصى وعدم استغلال الناس واحتياجاتهم والظروف الاقتصادية التى يمر بها الوطن.
حكومتنا يجب أيضا أن تكون حكومة رشيدة ومثال للتقشف وعدم الإسراف، أقله عدم إنارة عواميد النور أثناء النهار أو ترك الموظفين أنوار المصالح الحكومية مضاءة طيلة الليل وترك المكيفات تعمل دون احتياج حقيقى وهكذا مئات من البنود تستطيع الحكومة من خلال تقشفها أن توفر وتوقف الإهدار العام.
الدول الغنية رغم غناها لا تسرف فى الهدر أو المظهرية الكذابة ويتعجبون من طريقة تصرفاتنا رغم حالتنا الاقتصادية الهزيلة – حكومة وشعبا – ويقولون لنا صراحة «فقراء» – لماذا تستدينون من هنا وهناك؟؟
لابد أن تقوم الدولة بإصدار تشريعات لتجريم كل من يسرف فى استخدام الطاقة بمختلف صورها وإهدارها فيما لا يفيد، وأولهم الحكومة، حان الوقت أن نرتب أولوياتنا فالتقشف والحذر ليس عيبا وعلى كل بيت وعائلة البدء فورا فى تنظيم ذاتها وتوفير أى إسراف كانت تقوم به سابقا.