الطفل فى الشارع: «أنا عايز حقى فى الدستور»
رانية فهمى
آخر تحديث:
الأحد 23 سبتمبر 2012 - 8:30 ص
بتوقيت القاهرة
أربع كلمات كانت فى مادة الطفل فى القراءة الأولية لمشروع الدستور الجديد ثم حذفت فى مسودة مشروع الدستور الجديد.
«تلتزم الدولة برعايته (الطفل) عند حرمانه من البيئة الأسرية، وبحمايته من سوء المعاملة» (الكلمات المحذوفة).
كان الحذف بمنأى عن عمل اشهر لمنظمات المجتمع المدنى المعنية بالطفل للخروج بمقترح لصياغة مادة الطفل بالتعاون مع خبراء حقوق الطفل فى كافة المجالات ومكتب اليونيسف مصر، وقمنا بمراجعة العديد من التشريعات العالمية والإقليمية والعربية، ودراسة وضع الأطفال فى مصر والتزامات مصر الدولية والحقوق الانسانية الأساسية للطفل، والعمل مع الأطفال أنفسهم من أجل الاستماع الى آرائهم فى الدستور الذى سوف يأتى ليحمى حقوقهم. وهنا مربط الفرس فيجب إدراك اهمية حق الطفل فى المشاركة والاستماع إليه واحترام آرائه فى كافة القضايا التى تخصه، وإغفال ذلك سيعيدنا إلى التعامل مع الطفل على أنه شىء نمتلكه ونتحكم فيه وفى مستقبله، وليس إنسانا له كافة حقوق الإنسان الأساسية وإننا كبالغين ملتزمين بحماية تلك الحقوق.
●●●
فعند سؤال أطفال اتخذوا من الشارع ملاذا لهم عن أسباب نزولهم الشارع قالت «أ.أ.ع» : «أنا نزلت الشارع علشان ماما على طول بتضربنى بسبب ومن غير سبب وكمان بتقفل باب البيت بالمفتاح وهى خارجة وكمان وهى موجودة فى البيت علشان مخرجش.... بس أنا باخد المفتاح من شنطتها وبفتح الباب وبمشى وأسيب البيت.» وقالت «هـ.ع.ف»: «أنا نزلت الشارع علشان أبويا كان بيشغلنى فى البيوت وكانت الست اللى بشتغل عندها بتضربنى كل يوم، علشان كده نزلت الشارع ومرجعتش البيت». وقالت «أ.م.ع»: «أنا نزلت الشارع علشان أبويا كان ماشى معايا وخارجين بالشارع وبعدين قاللى إستنى هنا هرجعلك ومارجعش تانى فكنت بشحت علشان آكل وأنا معرفش أرجع البيت تانى».
وفى الشارع يتعرض الأطفال لكافة انواع العنف سواء من قادة الشارع، ويمكن ان يكونوا هم انفسهم أطفال. والشىء الذى لازلت احتفظ فيه بحقى فى الدهشة والصدمة واللوعة هو أن البنات فى الشارع يفجعهم ان يكونوا «متعلمين» ليس بمعنى التعليم كما نعرفه ولكن «متعلمين» فى وجههم اى «واخدين مطوة» تحدث علامة وجرح دائم وغائر فى الوجه، فهم يعتبرون ان ذلك معناه انهن لم يستطعن الصمود امام حياة الشارع بكل موبيقاتها وانهن لم يستطعن الدفاع عن انفسهن من هؤلاء القادة او اقرانهم فى الشارع. كما تأتى الإساءة والعنف من الشرطة التى من الواجب عليها حمايتهم حتى من أنفسهم. تقول البنات المترددات علينا فى مركز الإستقبال التابع لمؤسستنا، أن، قبل الثورة، كان بعض امناء الشرطة يعتدون عليهم جنسيا فى قسم الشرطة ويسبونهن ويأمرونهن بتنظيف القسم، وبالرغم من اختفاء هذه الممارسات بعد الثورة الا انهم استمروا فى السب والإهانة عند القبض عليهن وتلفيق قضايا لهن مثل التسول والتحريض على الفسق.
واثناء الأحداث الدامية للثورة: احداث محمد محمود ومجلس الوزراء، قامت المؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة وهى منظمة حقوقية «برصد كافة الانتهاكات التى تعرض لها الأطفال من اعتداء بالضرب والسب والقذف من قبل الشرطة العسكرية ومن قبل قوات الامن أثناء القاء القبض عليهم وتم اثبات ذلك بالتحقيقات وتم عرض المصابين على الطب الشرعى واثبات اصابتهم،» كما ورد فى أحد بياناتهم «وتم اثبات المعاملة غير الآدمية التى تعرضوا لها داخل القسم والسجن خلال جلسات تجديد الحبس أمام قاضى التحقيقات».
●●●
وانا هنا اتساءل: لماذا حذفت هذه الأربع كلمات: «حمايته من سوء المعاملة»؟ هل لتحفظ اللجنة من قيام الطفل بشكوى احد والديه للدولة كما يحدث فى امريكا مثلا عند قيام الطفل باللجوء لخط نجدة الطفل 911، أم لغض البصر عن سوء معاملة الطفل داخل الأسر والمدارس والمؤسسات واقسام الشرطة؟! نحن كمنظمات مجتمع مدنى تعمل فى خدمة الأطفال فى ظروف الشارع كنا نطمح لأكثر من هذه الأربع كلمات بكثير. اقترحنا ان تنص المادة على: «كما تكفل الدولة الحماية لكافة فئات الاطفال المعرضين للخطر، والحماية من كافة أشكال العنف والإساءة وسوء المعاملة.» والحالات التى يتعرض فيها الطفل للخطر هى وفقا للمادة 96 من قانون الطفل رقم 126 لسنة 2008 عديدة:
1 ـ إذا تعرض أمنه أو أخلاقه أو صحته أو حياته للخطر.
2 ــ إذا كانت ظروف تربيته فى الأسرة أو المدرسة أو مؤسسات الرعاية أو غيرها من شأنها أن تعرضه للخطر أو كان معرضاً للإهمال أو للإساءة أو العنف أو الاستغلال أو التشرد.
3 ـ إذا حرم الطفل، بغير مسوغ، من حقه ولو بصفة جزئية فى حضانة أو رؤية أحد والديه أو من له الحق فى ذلك.
4 ـ إذا تخلى عنه الملتزم بالإنفاق عليه أو تعرض لفقد والديه أو أحدهما أو تخليهما أو متولى أمره عن المسئولية قبله.
5 ـ إذا حرم الطفل من التعليم الأساسى أو تعرض مستقبله التعليمى للخطر.
6 ـ إذا تعرض داخل الأسرة أو المدرسة أو مؤسسات الرعاية أو غيرها للتحريض على العنف أو الأعمال المنافية للآداب أو الأعمال الإباحية أو الإستغلال التجارى أو التحرش أو الاستعمال غير المشروع للكحوليات أو المواد المخدرة المؤثرة على الحالة العقلية.
7 ـ إذا وجد متسولا، ويعد من أعمال التسول عرض سلع أو خدمات تافهة أو القيام بألعاب بهلوانية وغير ذلك مما لا يصلح موردا جديا للعيش. وإذا مارس جمع أعقاب السجائر أو غيرها من الفضالات والمهملات.
8 ـ إذا لم يكن له محل إقامة مستقر أو كان يبيت عادة فى الطرقات أو فى أماكن أخرى غير معدة للإقامة أو المبيت.
9 ـ إذا خالط المنحرفين أو المشتبه فيهم أو الذين اشتهر عنهم سوء السيرة.
10ـ إذا كان سيئ السلوك ومارقا من سلطة أبيه أو وليه أو وصيه أو متولى أمره، أو من سلطة أمه فى حالة وفاة وليه أو غيابه أو عدم أهليته. ولا يجوز فى هذه الحالة إتخاذ أى إجراء قبل الطفل، ولو كان من إجراءات الاستدلال، إلا بناء على شكوى من أبيه أو وليه أو وصيه أو أمه أو متولى أمره بحسب الأحوال.
11 ــ إذا لم يكن للطفل وسيلة مشروعة للتعيش ولا عائل مؤتمن.
12 ـ إذا كان مصابا بمرض بدنى أو عقلى أو نفسى أو ضعف عقلى وذلك على نحو يؤثر فى قدرته على الإدراك أو الإختيار بحيث يخشى من هذا المرض أو الضعف على سلامته أو سلامة الغير.
13 ـ إذا كان الطفل دون سن السابعة وصدرت منه واقعة تشكل جناية أو جنحة.
●●●
كل هؤلاء معرضون للخطر ومنهم الأطفال فى ظروف الشارع فبدلا من ان تعطى مادة الدستور الحماية الدستورية اللازمة لهم، حذفت حتى الأربع كلمات التى كانت تقدم النذر اليسير.