التحول التركى تجاه الاتحاد الأوروبى.. مزيف أم حقيقى؟
العالم يفكر
آخر تحديث:
الثلاثاء 23 سبتمبر 2014 - 10:05 ص
بتوقيت القاهرة
نشر الموقع الإلكترونى لصندوق مارشال الألمانى للولايات المتحدة الأمريكية (GMF) مقالا تحليليا كتبته ديبا نيجار جوكسيل، رئيسة تحرير جريدة توركيش بوليسى كوارترلى التركية، يتحدث عن الرغبة التركية فى الانضمام إلى الاتحاد الأوروبى فى حين ينتظر الأخير التأكد من صدق تركيا فى تطبيق البرنامج القومى للإصلاحات السياسية والاقتصادية. جاء فى المقال أن استطلاع اتجاهات الرأى عبر الأطلنطى لعام 2014 يعكس موجة عاتية من التأييد للاتحاد الأوروبى فى المجتمع التركى. وفى الوقت نفسه، فى الأيام الأخيرة من أغسطس، أصدر كبار قادة الحزب الحاكم فى أنقرة تصريحات، حول التزام تركيا بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبى، أكثر إيجابية من تصريحاتهم قبل سنوات. ومن الأسباب التى ستكون حاسمة فى انضمام تركيا، تحديد ما إذا كانت أنقرة تتخذ مجرد خطوات تجميلية نحو الإصلاحات، أو أنها تقبل نظام الاتحاد الأوروبى فى إجراءات الفحص والموازنات. سيبقى التساؤل مفتوحا حول قدرة تركيا على العودة إلى الاتحاد الأوروبى. وعلى أى حال، سيكون من المهم للاستفادة من هذا الازدهار فى الدعم التركى للاتحاد الأوروبى من تهدئة الميول غير الليبرالية فى أنقرة.
<<<
وأشارت الكاتبة إلى أن الاتحاد الأوروبى صار مرة أخرى على جدول الأعمال التركى، ولقد أكد رجب طيب أردوغان، عندما تولى منصب الرئيس، أن مسيرة تركيا نحو الاتحاد الأوروبى ستكون من الآن فصاعدا أكثر حسما.
وأرسل فولكان بوزكير، وزير شئون الاتحاد الأوروبى وكبير المفاوضين الأتراك، كل الرسائل الصحيحة فى خطاب تنصيبه، مشيرا إلى حقيقة أن تركيا بحاجة إلى التغلب على أوجه القصور الخاصة بها واستيعاب المكتسبات لأن الوصفات ذات الصلة تعود بالفائدة على الشعب التركى فى كل مجال من مجالات الحياة اليومية. ويؤكد برنامج الحكومة الجديدة، الذى أعلن عنه رئيس الوزراء التركى أحمد داود أوغلو، على الهدف من اكتساب عضوية الاتحاد الأوروبى بقوة أكبر مما كان فى البرنامج الحكومى السابق.
وأوضحت جوكسيل أنه من بين أسباب اهتمام كل من الحكومة والرأى العام بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبى، اكتشاف عدم إمكانية تحقيق الزعامة التركية لدول الشرق الأوسط الإسلامية، بينما تنغمس المنطقة الآن فى صراع طائفى. وعلاوة على أن نتائج هذا العام شهدت أكبر عدد من الأتراك، منذ عام 2005، الذين يعتبرون حلف شمال الأطلنطى ضروريا لتركيا (49 فى المائة). وغنى عن القول، أن دعم الشركاء الغربيين أمر حاسم لحماية تركيا من التهديدات الأمنية الصعبة فى الجوار. وربما كانت زيادة اهتمام الأتراك بالتعاون مع دول الاتحاد الأوروبى فى المسائل الدولية، مرتبطة بهذا الأمر.
ومن وجهة نظر النخبة الحاكمة، من المهم الالتزام بخطاب يدعم الانضمام للاتحاد الأوروبى، من أجل استعادة ثقة المستثمرين فى تركيا، وبالتالى دعم النمو الاقتصادى. فضلا عن أنه سيكون من الضرورى الحصول على موافقة شريحة من المجتمع أوسع من مجرد ناخبى حزب العدالة والتنمية الحاكم، من أجل تمرير دستور جديد فى العام المقبل.
وفى هذا العام، قال أيضا 50 فى المائة من المشاركين الذين أوضحوا أنهم لا يوافقون على سياسة الحكومة الخارجية، أن عضوية الاتحاد الأوروبى ستكون أمرا جيدا بالنسبة لتركيا، ارتفاعا من 38 فى المائة العام الماضى. وتشير العلاقة بين رفض السياسات الخارجية للحكومة، وارتفاع تأييد الانضمام إلى الاتحاد الأوروبى، إلى أن تأييد الاتحاد الأوروبى ارتفع بين أكثر منتقدى الحكومة. وطالما يمكن أن تتوحد الحكومة ومنتقدوها حول هدف الانضمام إلى الاتحاد الأوروبى، فلا تهم الأسباب.
كما أن الانضمام إلى الاتحاد الأوروبى يستلزم قبول الديمقراطية الليبرالية الغربية، وليس مجرد التصويت. ويشمل هذا الالتزام قيودا على السلطة التنفيذية، واستقلال القضاء، والشفافية فى الإنفاق العام والإيراد العام، وحرية التعبير ليس على الورق فقط، ولكن أيضا فى الممارسة العملية. ولا تزال التصريحات الصادرة من أنقرة تأييدا لأوروبا أضعف من صدى الاتهامات التى وجهها الرئيس الحالى ضد منتقديه، لذلك تتزايد الشكوك.
<<<
أضافت الكاتبة؛ لم تكن جماهير الدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبى أبدا، مرحبة بضم تركيا، لكن نتائج استطلاع الاتجاهات عبر الأطلنطى أظهرت مزيدا من تراجع شعبية تركيا بين المجتمعات فى الاتحاد الأوروبى. ولم يكن ذلك مستغربا نظرا لأن الأوروبيين شاهدوا زعيما تركيا غاضبا، يهاجم الاتحاد الأوروبى باستمرار، ثم تلقى أكثر من نصف الأصوات. وقد ظهر ذلك بشكل خاص فى ألمانيا، ففى العام الماضى قال 46 فى المائة أن موقفهم تجاه تركيا إيجابى إلى حد ما، بينما انخفض هذا الرقم إلى 23 فى المائة فى استطلاع عام 2014.
كما تدهورت الثقة فى أنقرة بين القادة الأوروبيين أيضا. وساعدت الحوادث فى الأحياء الشرقية والجنوبية فى تعزيز الشكوك. لم يكن قادة أنقرة يرجون القيم الأوروبية فى منطقة البحر الأسود الأوسع نطاقا، وفى الجنوب، وقد ترك ذلك انطباعا بمنح الأولوية لقضية الإخوان المسلمين فوق كل أنوع التضامن الأخرى.
ويخشى الأوروبيون أيضا من أن يكون الانضمام للاتحاد الأوروبى اليوم، خطوة تكتيكية من جانب الحكومة التركية التى تحتاج إلى تخفيف حدة التوتر واستعادة الثقة الآن، إلا أن هذا العناق يمكن أن يتبعه صفعة عندما تتغير الظروف. وفى العام الماضى كان هناك صمت نسبى على الجانب الأوروبى بشأن تركيا. فلم يستمع الأتراك إلى تصريحات سلبية من قادة ألمانيا وفرنسا، حول احتمالات عضوية تركيا. ربما ساعد هذا على رفع الروح المعنوية المرتبطة بالاتحاد الأوروبى فى تركيا. ولكن هذا الهدوء على جبهة الاتحاد الأوروبى لا يمكن أن يعزى بالضرورة إلى ميول أكثر إيجابية بشأن إدراج تركيا فى الاتحاد الأوروبى. فقد تراجع الحافز للتعبير عن المواقف السلبية إزاء تركيا لأن القادة الأوروبيين منغمسون فى المشاكل الإقليمية مثل المشاكل التى تسببها موسكو.
وتطرح الكاتبة فى المقال التساؤل التالي؛ مع المضى قدما فى مساعى العضوية، هل تتحول العقول والقلوب الأوروبية لصالح تركيا، عندما تواجه حكومة تركية ذات خطاب ناعم، ورئيس يتحدث عن فضائل دستور جديد وحل للمشكلة الكردية؟
<<<
وترى جوكسيل أنه فى حين يمكن لأنقرة أن تزهو بأن تركيا هى الآن القوة التى يجب أن يعتد بها، فإن كونها القوة التى يمكن الوثوق بها قصة أخرى. غير أنه ينبغى ملاحظة أن تأييد المجتمع التركى للتعاون مع الاتحاد الأوروبى أو مع الولايات المتحدة فى الشئون الدولية يكاد يكون على نفس مستوى انخفاض هذا التأييد داخل المجتمع الروسى، وفقا لاستطلاع التوجهات عبر الأطلنطى. وبطبيعة الحال، سوف يشجع الشركاء الغربيون تركيا على اتخاذ الخطوات اللازمة لعضوية الاتحاد الأوروبى، من أجل حل المشكلة الكردية، وحتى تبقى جزءا من بنية الأطلنطى بدلا من المغامرة بالدخول فى تحالفات مع القوى الأخرى فى منطقتها.
واختتمت الكاتبة مقالها مشيرة إلى أنه خلال العقد الأول من حكم حزب التنمية والعدالة التركى، أعطى أنصار الأوروبى الأوروبى ميزة الشك إلى الحكومة التركية عند كل منعطف حاسم. لكن الأمر تغير الآن. فقد أصبح الأتراك الذين لديهم مخاوف مشروعة حول حكومتهم، يلقون أذنا صاغية فى أوروبا. وبالتالى يمكن تمكين نشطاء حقوق الإنسان والأقليات المستبعدة والصحفيين الاستقصائيين، وضحايا العدالة الانتقائية، وأولئك المعرضون للملاحقات بسبب دوافع سياسية. فإن التقليل من الضعف الذى يشعر به هذه القطاعات من المجتمع سوف يكون المحك الذى يستخدمه الاتحاد الأوروبى فى تقييم التزام أنقرة بفتح صفحة جديدة. هب أن ذلك، لن يسفر عن نتائج ما لم يقدم الاتحاد الأوروبى مكاسب كافية للقيادة التركية والأغلبية من المواطنين. فيجب أن تكون هناك فرصة عضوية قابلة للاستمرار، بشرط الأداء. ويمكن أن يساعد تطبيق نظام السفر بدون تأشيرة وبرامج أكثر شمولا لتبادل الطلاب، على نشر دعوة الاتحاد الأوروبى، الأمر الذى سيزيد الضغوط على السلطات التركية للتمسك بعملية الإصلاح الضرورية. وقد كشفت الانتخابات الأخيرة فى تركيا أن حزب المعارضة الرئيسى بحجة إلى جدول أعمال إيجابى لتعبئة الجمهور.