عن الخطأ المبدئى فى محاكمة مبارك ونجليه
عماد الدين حسين
آخر تحديث:
الأحد 23 سبتمبر 2018 - 10:50 م
بتوقيت القاهرة
صباح السبت الماضى صدر حكم مهم من محكمة النقض برئاسة المستشار فرحان بطران برفض قبول طلب الرئيس الأسبق حسنى مبارك ونجليه علاء وجمال بالتصالح فى قضية الاستيلاء على القصور الرئاسية، حيث تم إدانتهم بالسجن المشدد ثلاث سنوات، وتغريمهم متضامنين مبلغ ١٢٥ مليون جنيه وإلزامهم برد ٢٢ مليون جنيه.
والهدف من الحكم الذى تقدم به المحامى المعروف فريد الديب، هو إصدار حكم جديد، بانقضاء الدعوى بالتصالح، وإزالة آثار حكم الإدانة، وذلك بعد سداد مبلغ الغرامة ورد الأموال التى حكمت بها المحكمة فى حكمها النهائى والبات فى يناير ٢٠١٦، وهى القضية التى بدأت فى مايو 2012 خلال المد الإخوانى فى مصر.
السؤال ما الهدف من هذه الدعوى التى رفضتها محكمة النقض؟!. الإجابة أن حكم الإدانة يمنع حسنى مبارك ونجليه من ممارسة الحياة السياسية تصويتا وترشيحا، ويحرم الرئيس الاسبق من كل الميداليات والنياشين التى حصل عليها.
قانون مباشرة الحقوق السياسية رقم ٤٥ لسنة 2014، يحرم كل من صدر ضده حكم نهائى بات، فى جناية من مباشرة حقوقه السياسية سواء بالتصويت أو الانتخاب، لمدة ست سنوات تبدأ من تاريخ تنفيذ العقوبة. رغم أن البعض يقول إن الحكم فى قضية القصور الرئاسية ليس مخلا بالشرف مثل السرقة، والتزوير والاغتصاب والفعل الفاضح، لكن هناك حالات ملتبسة يمكن أن تخضع للتقدير النسبى للقاضى.
مبارك ونجلاه تمت تبرئتهم من كل التهم التى أسندت إليهم حتى الآن، خصوصا قضية قتل المتظاهرين، لكن إدانتهم بصورة نهائية وباتة فى قضية القصور الرئاسية، تمكن خصومهم ومعارضيهم، من اتهامهم رسميا بالفساد.
هذا الحكم كان أمرا جللا لرئيس جمهورية سابق ولاولاده، خصوصا أن أحدهم وهو جمال كان قاب قوسين أو أدنى من حكم مصر لولا اندلاع ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١.
لا أعلم هل هى المصادفة وحدها هى التى جعلت حكم يوم السبت الماضى، يأتى بعد أقل من ٤٨ ساعة من التطورات الدرامية التى شهدتها قضية «التلاعب فى أموال البورصة» المتهم فيها جمال وعلاء وآخرون؟!
قضية البورصة مفتوحة منذ ست سنوات، وما تزال مستمرة حتى هذه اللحظة، ولا أحد يعلم متى ستنتهى.
يوم السبت قبل الماضى أصدر رئيس المحكمة قرارا بإعادة حبس المتهمين، الذين كانوا يحضرون جلساتها مخليا سبيلهم. هم قدموا طلبا لرد المحكمة، وتم قبوله بالفعل، وقامت الدائرة الجديدة بإخلاء سبيلهم مرة أخرى بكفالة مائة ألف جنيه يوم السبت الماضى.
لن أعلق على أحكام القضاء، ولذلك سأتحدث عن التداعيات السياسية فقط، وهو ما اشرت اليه فى عجالة فى لقاء تلفزيونى مع الاعلامى عمرو اديب مساء السبت الماضى على فضائية ام بى سى مصر. كان الضيف الثانى هو المحامى المعروف محمد حمودة، الذى يدافع عن احد المتهمين فى القضية، ورأيه ان كل المتهمين يستحقون البراءة، خصوصا بعد تقرير لجنة الخبراء الاخير.
كان ينبغى منذ تنحى مبارك عن الحكم فى ١١ فبراير ٢٠١١، أن يتم محاسبته سياسيا، وليس قضائيا. لم يكن منطقيا أن يكون الفيصل بالنسبة لرئيس جمهورية قامت ضده ثورة، هو: هل حصل على شقة بالمخالفة للقانون، أم لم يدفع ثمن كمية من الأسمنت والزلط والرمل لترميم فيلا؟! كان يفترض أن نحاسبه على النتيجة التى وصلت إليها مصر بعد ثلاثين سنة من حكمه. الحصيلة العامة هى تدهور التعليم والصحة ومعظم الخدمات، والزواج الواسع وغير الشرعى للمال بالسلطة، والفساد المقنن. اشترى ولاء غالبية الناس بالدعم وتضخم الجهاز الادارى، واليوم يدفع المجتمع الثمن فادحا. اما جريمة نظامه الكبرى فهى قتل وتجريف الحياة السياسية بمحاصرة الأحزاب والقوى المدنية، فى حين أن جماعة الإخوان ــ التى كانت محظورة شكلا ــ تمكنت من السيطرة هى وبقية المتطرفين على كل مفاصل البلد من برلمان وحكومة ورئاسة فى غمضة عين، ولولا ثورة 30 يونيه لربما تغيرت هوية مصر تماما.
رأيى ان الرجل لم يكن خائنا، وله بعض الايجابيات، التى لا ينكرها الا اعمى، لكن لا يصح ان نقيم رئيسا بالقول انه شيد المحور أو الدائرى واقام بعض المدن الجديدة!!.
فى التقييم النهائى تراجع دور وتأثير مصر عربيا واقليميا إلى مستوى لا يسر عدوا أو حبيبا.
ظنى ايضا ان علاء وجمال، لا يريدان قراءة المشهد السياسى الحالى بوضوح!!!، ويصران على «التغريد» خارج السرب، كما يرفضان قواعد اللعبة الحالية!!!.. ظنى ان القصة ليست فقط تتعلق بالقضاء، وبالتالى فالمفاجآت فى القضية بأكملها، تظل واردة!