تحت العلم

عماد الغزالي
عماد الغزالي

آخر تحديث: الإثنين 23 نوفمبر 2009 - 10:29 ص بتوقيت القاهرة

 لماذا يكرهوننا؟ هذا هو السؤال المباغت الذى لا تعرف كيف يمكن أن ترد عليه.

فبرغم كل الادعاءات عن روابط اللغة والدين، وكلام كثير عن أخوة العروبة والإسلام والكفاح المشترك والمصير، فإن مشهد العلم المصرى تدوسه أقدام الجزائريين فى الخرطوم لا يمكن أن يمحى.

دقت مباراة الجزائر ومصر إذن مسمارا آخر فى نعش وحدتنا العربية «اللى ما يغلبها غلاب»، والتى برهنت على فعاليتها فى مواقف عديدة، واسألوا مقررات جامعة الدول العربية ومعاهدة الدفاع العربى المشترك وغزو بيروت واستيلاء المهيب الركن على الكويت والنزاع فى الصحراء الكبرى بالمغرب العربى واللعب السورى فى لبنان وصراعات الحدود فى الجزيرة العربية، وكيف تحولت قضية فلسطين إلى مشروع استثمارى يتعيش عليه الأشقاء حتى بين الفلسطينيين أنفسهم، إلى الحد الذى بات فيه حل القضية هدفا يسعى الجميع إلى اجتنابه!

ومع الاعتراف بأن سلوك جمهور كرة القدم فى كل بلاد العالم حتى المتقدمة منها يتسم بهذا الانفلات، لكن المسألة هنا أخذت أبعادا غير مسبوقة، وبلغ التصعيد حدا ينذر بعواقب وخيمة، ويعرف الناس أن حربا استمرت عدة أسابيع وقعت بين هندوراس والسلفادور عام 1969 بسبب مباراة فى كرة القدم، لكن تاريخ اللعبة لم يسجل أى فوز لأى منهما بكأس العالم، ولا حتى تمثيلا مشرفا صعد بأى منهما إلى الأدوار النهائية!

هل ثمة ما يدبر فى الخفاء؟ ربما.

البعض يتحدث عن مصالح فرنسية يهمها طرد الاستثمارات المصرية من الجزائر (6 مليارات دولار مقابل 60 مليون دولار يستثمرها الجزائريون فى مصر)، آخرون يتحدثون عن رغبة لدى النظامين المصرى والجزائرى فى استغلال الحدث للتعمية على إخفاقات عديدة (هذا أيضا صحيح)، فضلا عن سعيهما إلى بعث الروح الوطنية عبر الحضور القوى للعلم، خصوصا مع التمدد الأخطبوطى للإسلام السياسى، الذى لايعترف بالدولة الوطنية بل ويعاديها، حتى لو ادعى فى خطابه المعلن عكس ذلك.

هذا كله أو بعضه قد يكون صحيحا، لكننى كمصرى أشعر بجرح غائر، ليس فقط بسبب إعتداءات الصيّع والبلطجية وأرباب السوابق من جمهور الجزائر على المصريين، وإنما من حالة الهوان التى بلغناها، إلى الحد التى صوّرت لهم أن بإمكانهم حرق علمنا وتمزيقه تحت أقدامهم دون عقاب، والذين يريدون أن يتعرفوا على عينة من مشاعر «الأشقاء» تجاهنا من المحيط إلى الخليج، عليهم فقط أن يطالعوا بعض المنتديات على الإنترنت.

لا أدعو بالتأكيد إلى مزيد من التصعيد، لكننى لا أسمح بـ«مرمطة» مصريتى وإهانتها، باسم العروبة أو حتى باسم الإسلام.

مطلوب اعتذار رسمى وصريح من النظام الجزائرى الذى ثبت ضلوعه فى المؤامرة، أما نحن فليتنا نبقى تحت العلم، فثمة أهداف أكبر وأعظم من الوصول للمونديال.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved