أنقذوا مصر من جنرالات مبارك


عاطف شحات

آخر تحديث: الأربعاء 23 نوفمبر 2011 - 9:40 ص بتوقيت القاهرة

وكأن أجمل وأنبل ما فينا يصرون على أن يكتبوا خريطة مستقبل مصر بدمائهم و«حبابى عنيهم». مرة أخرى يقاوم الماضى المستقبل والثمن دماء المصريين. ومرة أخرى عاد أنس الفقى من سجنه. وسمعنا تحريض رسمى بقتل المتظاهرين الخونة الذين يريدون هدم الدولة. هل يعقل أن يذهب الخائن للاستشهاد. هل يعقل أن يذهب مواطن ليضحى بعينه فى الثورة ثم يذهب مرة أخرى للتحرير ثم تأتى رصاصة خرطوش فى عينه مرة أخرى.

 

والآن وبعد أن فقد عينيه الاثنتين يكتب أنه يعيش أعمى فى بلد حر خير من أن يعيش مبصرا فى بلد مستعبد. أتحدث عن طبيب الأسنان الشاب أحمد حرارة. هل هذا خائن أيها العقلاء فى هذا الوطن؟ وسمعنا اتهامات تلقى جزافا وبدون أى دليل الثوار ضد الضحايا الشهداء. هل تصدق يا عزيزى القارئ أن هناك شبابا تم القبض عليهم من التحرير فى اليومين الماضيين وكان من بين اتهاماتهم فقء عين زملائهم وأصدقائهم الموجودين أيضا فى التحرير برصاص حى؟ يقول لنا من يحكمون مصر الآن لم نستخدم الرصاص الحى، ووصل بأحدهم (ملك الشائعات) للقول بإنه لم تكن هناك أوامر بفض اعتصام التحرير وأن الجنود «تصرفوا من أنفسهم».

 

هل نصدقه أم نصدق وزارة الصحة التى قالت لنا إنه حتى كتابة هذه السطور كان هناك 33 قتيلا فى التحرير وأكثر من 1500 مصاب، ناهيك عن حالات عديدة يصعب حصرها لمواطنين مصريين فقدوا بصرهم. وهذه هى التقديرات الرسمية. فأطباء التحرير والمحامون الذين أضيف إلى دورهم الآن الذهاب إلى المشارح، بالإضافة إلى المحاكم ومتابعة القضايا الملفقة، يقولون إن عدد القتلى أكثر من ذلك بكثير، لدرجة أن مشرحة زينهم يعد بها صناديق لهم، وأن هناك جثثا عديدة لم يتم التعرف عليها، وصل عددها وقت كتابة هذه السطور إلى 9 جثث وفقا للمحامين وشهود العيان الذين ذهبوا هناك. هل يحتاج من يقول الحقيقة لفقء عين مصور ويصوب نحو الكاميرا؟ هل يحتاج من يقول الحقيقة لحصار الإعلام الحر؟

 

لا نحتاج نظريات أو تحليلات لنعرف أن ما تشهده مصر فى هذا الوقت هو انقلاب على كل ما قامت من أجله ثورة يناير العظيمة. فلم تقم الثورة لتكريس السرية، واستمرار تدفق الأسلحة القمعية من جيوب المصريين ومن معونات المزلة والعار. ولم تقم الثورة لننشئ دولة داخل الدولة. ولا يحتاج أى عاقل صاحب ضمير حى لمجهود ليعرف أن الانقلاب على الثورة جاء ممن أهان أم الشهيد، ولفق التهمة للضحية ومن قتل الثوار ويقف ضد تطهير الإعلام، وبدلا من أن يبحث مجتهدا ويكشف لنا أين قناصة يناير يأتى الينا بقناصة جدد يوجهوا رصاصهم لعيون وقلوب شباب مصر.

 

هل يعقل أن يختصر دور القوات المسلحة المصرية فى حماية نجيلة التحرير وحماية السفارة الاسرائيلية وان يصل الأمر بأن نرى جنودا مصريين، يجب أن يكون دورهم حماية المصريين والحدود، يحتمون ببلطجية بسيوف ومولوتوف ويحمونهم وهم يضربون مواطنين مصريين؟ لا نحتاج أى مجهود لنعرف أن جنرالات مبارك للأسف هم من يريدون الوقيعة بين جيش مصر وشعب مصر. لقد قامت الثورة من أجل إعمال القانون. لكن القانون ينفذ على الضحايا. قامت الثورة من أجل أن يحاكم المواطنون أمام قاضيهم الطبيعى، لكن هناك أكثر من 12 ألف مواطن مصرى حوكموا أمام القضاء العسكرى. خط الشهداء بدمائهم الخطوط الأولى لمصر الحرة، وبدلا من تكريمهم تكريما حقيقيا، رأتهم أمهاتهم يدهسون بالاقدام. أصحاب ذات العقلية المباركية يمارسون نفس طريقته فى الاستعلاء واحتقار المتظاهرين.

 

وحتى لو افترضنا جدلا أنهم شباب طائش مجنون وهذا ما يعتقدونه فى قرارة أنفسهم كما مبارك، فلماذا القتل والتحريض والتعتيم إذن؟ زهور مصر قدموا فى الجولة الأولى من جولات الثورة حياتهم فداءا لمصر. وها هم يقدمون أغلى ما يملكون ضد جنرالات مبارك، الذين يصممون الابقاء على مؤسسات الفساد، وتأسيس دولة عسكرية تابعة للغرب، بدلا من دولة للحرية والديمقراطية والاستقلال. لكل صاحب ضمير حر، فلننقذ مصر من جرائم خلفاء مبارك. والطريق الوحيد لذلك الذى يرسمه لنا أنقى ما فينا بدمائهم هو عودة العسكر لثكناتهم فورا وتشكيل حكومة لها كافة صلاحيات المجلس العسكرى، حكومة وطنية تعبر عن الثورة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved