اللعب خارج الملعب والركل باللسان!

حسن المستكاوي
حسن المستكاوي

آخر تحديث: السبت 23 نوفمبر 2024 - 8:35 م بتوقيت القاهرة

** " قصف جبهات ولعب خارج الملعب، وركل باللسان، وليس بالأقدام، وتشويه انتصار المنافس، وهجوم خارج الميدان. هذا هو حال كرة القدم، وأحيانًا غيرها من لعبات جماعية، تشهد هذه الظواهر غير الرياضية، وتغذى التعصب والاحتقان بل والكراهية ويتلقف هواة الترند، أو ما يُسمى بالإعلام الموازى، وهو ليس إعلامًا إطلاقًا تلك المواد الخام ويلقى بها فى ملعبه. وكلما تصديت بالإشارة إلى إدارة الأندية والاتحادات الأوروبية، أضع خطا أمام الجميع، وهو أننى لا أقارن مستويات بمستويات، وإنما أحاول أن أحفز بالمقارنة بين نظام ونظام، وتنظيم وتنظيم، وأخلاق وأخلاق. هل تعلمون متى نهضت أوروبا وشعوبها وكيف؟ نهضت بعد عصور من الظلام استمرت حتى القرن الثامن عشر، حيث كان كل شبر فى أوروبا يحارب بعضه، وكل دول القارة منغمسة فى حروب. ثم جاء عصر النهضة بالتفكير، والعلم، وبالأخلاق وبالقانون.. وكانت البداية الخوف من القانون، ثم احترام القانون، ثم حب القانون؟
** يظن الكثيرون أن اتحاد كرة القدم وحده هو المسئول عن تأخر اللعبة، بينما المسئولية دائرتها واسعة. وتضم بعض الأندية وبعض مجالس الإدارات، بعض الشخصيات التى يفترض أنها قيادية وصاحبة قرار، بينما هى تنتظر قرارات جمهورها عبر وسائل التواصل الاجتماعى. وعلى سبيل المثال تأخرنا أربع سنوات للتخلص من مواسمنا المتصلة حين رفضت الأندية الموسم الاستثنائى عام 2020، وهو نفس الموسم الذى تمت الموافقة عليه أخيرًا. وأذكر أنى حضرت فى يوم من الأيام اجتماعًا للأندية، وكان المقاش محتدمًا وناريًا ودخل الحضور فى فاصل فصال بشأن القائمة. 30 أم 25 كما قرر الاتحاد، وتعالت أصوات، وأنتهى الأمر باقتراح أن تكون القائمة من 28 لاعبًا، إرضاء لأطراف الخلاف. وحينها قلت للمهندس أبوريدة لا تتراجع عن قرار الاتحاد، وتظل القائمة 25 لاعبًا كما قررتم. وحدث بالفعل أن الاتحاد صمم على قراره.
** من هنا يستحق السؤال؟ من هنا الذى يحاسب إدارات وشخصيات تمارس لعبة «قصف الجبهات» خارج الميدان، فى دغدغة لمشاعر الجماهير، بتصريحات تسىء للمنافس، وللغير، ولست فى حاجة إلى تسجيل الأسماء، ففى محيط الرياضة وميدان كرة القدم ترون هذه الحروب غير الرياضية، بين إداريين وإداريين، وبين لاعبين ولاعبين، وبين مدربين ومدربين، وبين جيوش إلكترونية، وبين جيوش إلكترونية، فهل ترون أن هذه رياضة أو مناخ رياضى صحى؟
** لم أقارن أبدًا بين مستويات وبين مستويات فى ممارسة ولعب كرة القدم فوق ساحات العشب الأخضر النظيف، فكرة القدم التى نمارسها نقبلها، كما هى، ويمكن أن ترضينا ونستمتع بها، دون الحلم بالوصول إلى المستويات العالمية. إلا أن ما نستطيعه هو أن نحترم انتصار المنافس، وأن نمارس فضيلة الأخلاق. وأن نحترم الأفضل، كما نرى كل يوم فى كل منافسة، ولو قرأ أهل كرة القدم رسالة فيدرر إلى نادال عقب اعتزاله، سيكون الأمر ممتعًا وجيدًا، وحين أعتزل فيدرر بكى نادال، وكلاهما كانا أكبر وأهم منافسين فى ملاعب التنس طوال عقود. ولو سمعتم أو قرأتم ترحيب جميع المدربين فى الدورى الإنجليزى ببقاء بيب جوارديولا فى المنافسة بعد تجديد تعاقده مع مانشستر سيتى لعامين، لأدهشكم أن يقول أفضل المدربين عنه كلامًا جميلًا مصبوغًا بالاحترام والحب والأخلاق والرياضة؟
** قال أرنى سلوت مجرب ليفربول: «نريد هنا أفضل اللاعبين وأفضل المدربين» وقال إيدى هاو، مدرب نيوكاسل يونايتد: جوارديولا طور كرة القدم الإنجليزية، وأحدث ثورة فى طرق اللعب. إنه موهوب بشكل لا يصدق ومن مصلحة كرة القدم الإنجليزية أن يظل هنا. وقال فابيان هورزلر، مدرب برايتون: «جوارديولا أفضل شىء يمكن أن يحدث للدورى الإنجليزى الممتاز». تلك مجرد نماذج على احترام المنافس واحترام الأفضل، والاعتراف بتفوقه. فلا أحد فاشلًا يشد الناجح إلى أسفل ليكون فاشلًا مثله فتكون الظاهرة اشتراكية الفشل.. متى يتوقف هذا التهريج الذى نراه يوميًا فى ملاعبنا فى كواليس ملاعبنا؟!

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved