كوارث الدكتور نظيف
وائل قنديل
آخر تحديث:
الأحد 24 يناير 2010 - 9:26 ص
بتوقيت القاهرة
على الدكتور نظيف أن يفكر بهدوء فيما جرى له فى العريش، ويراجع تصريحاته عن كارثة السيول بدقة، لأنه إن لم يفعل يقدم دليلا دامغا على أنه يرأس حكومة لا تعرف شيئا عما يجرى فى مصر.
فما حدث يكشف إلى أى مدى تمارس الأجهزة التنفيذية ألوانا مبتكرة من خداع الذات والآخر، والأخطر أنها بلغت مرحلة غير مسبوقة من الانفصال عن مشكلات الناس وهمومها، ومن ثم لا تعرف متى تتحدث وكيف وأين.
الدكتور نظيف بعد الإعلان عن زواجه السعيد ذهب إلى شمال سيناء فى لحظة كانت السيول فيها تحاصر الجميع وتترك وراءها قتلى ومصابين ومنازل جرفتها المياه وسوّتها بالأرض، وهى لحظة كانت تتطلب شيئا من الكياسة فى التصريحات واختيار الألفاظ المناسبة لإشعار المنكوبين بأن هناك من يشاطرهم الحزن والألم مما جرى.
غير أن رئيس الحكومة الذكية استخدم من العبارات ما يضاعف إحساس المواطنين بالإهانة والإهمال حيث أفتى نظيف بأن ما رآه لا يرقى إلى مرتبة الكارثة ومن ثم فلا داعى لإعلان الأماكن التى ضربتها السيول مناطق منكوبة، ومن الواضح أن مفهوم الكارثة عند الدكتور نظيف يختلف تماما عما تواضعت عليه الدراسات الاجتماعية.
وإذا كان غرق أطفال وعجائز، واختفاء بيوت من على ظهر الأرض، وتخبط البشر فى التيه والعتمة وسط أجواء من البرودة الشديدة، لا يمثل كارثة ونكبة فى نظر الحكومة فليقل لنا نظيف ما هى الكارثة إذن؟
واقع الحال يثبت مرة أخرى موت السياسة فى مصر، ذلك أن أداء رئيس الحكومة فى هذا الموقف لم يبتعد كثيرا عن أداء رئيس مجلس مدينة، أو على الأكثر محافظ، كل ما يهمه أن يقول لمن هم فى السلطة الأعلى أن كل شىء على ما يرام، متجاهلا، أو جاهلا، بأبسط قواعد مخاطبة الجماهير، ومن ثم كان من الطبيعى أن تنفلت الأعصاب المحترقة أصلا بهول الفجيعة ويخرج نظيف مطاردا ومطرودا من العريش بعد خمس دقائق فقط من وصوله إليها، ويغادر مصحوبا باللعنات فى حراسة أجهزة الأمن قبل أن تحدث فضيحة سياسية أخرى تصل إلى مرتبة الكارثة.
غير أن الكوارث أبت أن تأتى فرادى، ففى اللحظة التى كان فيها نظيف يواجه عاصفة الغضب فى العريش، كان مجلس الدولة يقدم هدية متواضعة لرئيس مجلس الوزراء، إذ أفتى بأن قرار نظيف بتعيين وزير الإسكان السابق رئيسا لشركة الخدمات البترولية باطل.
وأغلب الظن أن نظيف سيخرج علينا بتصريح صادم يقول فيه إن ما ذهب إليه قسم الفتوى والتشريع بمجلس الدولة لا يرقى إلى مرتبة فتوى ومن ثم لا داعى لاعتبار تعيين وزير سابق تحاصره سيول الاتهامات بالفساد كارثة سياسية.
تهانينا للدكتور نظيف بالزواج السعيد.. وخالص العزاء لمنكوبى كوارث الطبيعة والسياسة.