إحنا جاهزين يا ريس
محمد سعد عبدالحفيظ
آخر تحديث:
السبت 24 مارس 2018 - 10:10 م
بتوقيت القاهرة
فى حديثه بالفيلم الدعائى «شعب ورئيس 2018»، علق الرئيس السيسى على غياب المنافسة فى الانتخابات الرئاسية قائلا: «إنتم بتكلمونى فى موضوع أنا مليش ذنب فيه.. والله العظيم أنا كنت أتمنى أن يكون موجود معانا واحد واتنين وتلاتة وعشرة من أفاضل الناس وتختاروا زى ما أنتم عايزين».
فسألته المحاورة عما حدث، فأجاب «إحنا لسه مش جاهزين.. مش عيب.. إحنا بنقول الأحزاب أكتر من 100 حزب.. طيب قدموا حد».
«الشعب المصرى ليس جاهزا وغير مؤهل للديمقراطية»، تلك هى الحجة التى ساقها كل حكام مصر السابقين ليستمروا على مقاعدهم لا ينافسهم عليها أحد.
تعاملت أنظمة الحكم السابقة مع الشعب، باعتبارهم أرباب بيت يخشون على أهله من الانفلات، يخافون عليهم من الحرية وكأنها طيش قد يؤدى إلى هدم البيت وإسقاطه.
كأسلافه، اعتقد الرئيس الأسبق حسنى مبارك أن شعبه لا يستحق الديمقراطية، ولا يعرف كيف يمارسها، لذا
أصدر مبارك تكليفا مبكرا لأجهزته بهندسة الاستحقاقات الانتخابية، فعينت تلك الأجهزة نفسها حارسا ينوب عن الشعب فى اختيار المرشحين ويصوت بدلا منه، وإمعانا فى توسيع نطاق المشاركة إلى مدى لم يصل إليه العالم، كانت الأجهزة المكلفة بهندسة الانتخابات تستدعى الأموات للتصويت، والنتيجة، أغلبية مريحة للحزب الحاكم، وأقلية للمعارضة تحصل عليها عبر صفقات الغرف المظلمة.
قبل ثورة 25 يناير بشهور، قال أحمد نظيف رئيس وزراء مبارك وهو فى طريقه إلى أمريكا، إن «الشعب المصرى غير مؤهل للديمقراطية»، قامت حينها الدنيا، فالرجل فتح على نفسه وعلى نظامه أبواب النار بعدما استفزت كلماته السياسيين والمراقبين الذين فسروا الكلمة على أنها محاولة لتبرير إفساد النظام للحياة السياسية والحزبية وتمهيدا لتمرير مشروع التوريث، حتى نزل الشعب إلى الشوارع بالملايين ليثبت لحكامه استحقاقه للديمقراطية ورفضه للاستبداد، فخلع مبارك وأسقط نظامه، على أمل المضى نحو إقامة دولة مدنية ديمقراطية حديثة.
وكرر الراحل عمر سليمان العبارة فقال لإحدى القنوات الأمريكية بعد أيام من اندلاع الثورة إن «المصريين غير قادرين على ممارسة الديمقراطية». ثم أعادها خيرت الشاطر الحاكم الفعلى لمصر فى عام حكم الجماعة، مؤكدا فى مقابلة تلفزيونية أن: «الشعب المصرى غير مؤهل لمشروع النهضة.. فمشروع النهضة يحتاج إلى شعب مؤهل ومتحمس ومقتنع بالفكر»، فناله من الشعب والتاريخ ما يستحق.
الشعوب مؤهلة دائما للديمقراطية، تمارس الحرية وتتعلم من أخطائها، وتعيد النظر فى اختياراتها، تخفق مرة واثنتين لكنها فى النهاية تسير على طريق الحرية، الشعوب ليست قطع شطرنج يحركها الحاكم، فيصادر على رأيها وانحيازاتها ويعين نفسه وصيا عليها.
والحاكم منوط به خدمة الشعب، يحقق آماله وطموحاته، ويحسن أحواله، فلو كان الشعب غير جاهز أو مؤهل فالحاكم هو المسئول الأول بل والأوحد، بتعمده تجهيل الشعب ومصادرة حقه فى برلمان حر ينوب عن الناس فى مراقبته، وبتأميمه للصحافة التى هى عين المواطن على السلطة لتتحول المنصات الإعلامية إلى منابر «تطبيل» لا تتحدث إلا عن إنجازات الرئيس وبحصاره الأحزاب والمؤسسات المدنية المناط بها خلق كوادر وبدائل سياسية فيدجنها ويسجن رؤساءها فقط لأنهم اقتربوا من الخطوط الحمراء.
كان على المخرجة ساندرا نشأت أن تسأل المرشح الرئاسى عبدالفتاح السيسى عن مصير «المنافسين الجاهزين» الذين كانوا قادرين على جعل الانتخابات الرئاسية معركة جادة تجذب المواطنين دون الحاجة إلى حملات الحشد المصطنع.. وقد أعلن هؤلاء المنافسون اعتزامهم خوض المعركة الانتخابية.
لقد دفع الشعب من دماء أبنائه الكثير ليحصل على حقه فى تداول حقيقى للسلطة، وخاض تجارب على مدى 7 سنوات علمته كيف يدقق فى الاختيار، وكيف يميز بين الممارسة الديمقراطية الحقيقية والديمقراطية المزيفة، وبالتالى فمن غير المقبول اتهامه بعد ذلك بعدم الجاهزية.