المجتمع المدني: الأولويات الأهم
ليلى إبراهيم شلبي
آخر تحديث:
الجمعة 24 مارس 2023 - 8:55 م
بتوقيت القاهرة
على الرغم من الحاجة الشديدة لأن تتسع دائرة نشاط المجتمع المدنى فى بلادى فإنه فيما يبدو أن الاتجاه السائد الآن هو أن يعمل الجميع تحت لواء التحالف الذى يضم كل الجمعيات الخيرية الأهلية فى منظومة واحدة تحت إشراف الدولة. قد يعد هذا أمرا مقبولا فالدولة بلاشك صاحبة النظرة الأكثر شمولية، ومسئولوها هم من يعرفون الحقائق مجردة، فهم الأكثر دراية بما تحتاج إليه مؤسسات الدولة الخدمية وما يمكن أن توفره لها الدولة فى حدود الموازنة العامة وما قد لا تستطيع توفيره وهذا أمر وارد فى كل دول العالم حتى أغناها وأعلاها إنفاقا حكوميا.
لكن العالم يعرف أن لكل قاعدة استثناء وأن العام لا يعنى انتفاء الخاص. ما أعنيه هو أنه على الدولة أن تفسح للمجتمع المدنى دورا يخضع لاختياراته وفقا لما يراه بصفة خاصة وليس فى ضوء ما تراه الدولة وأن هذا بالقطع لا يعنى على الإطلاق أن المجتمع المدنى يعمل فى مجال خارج نطاق الدولة مادام كل شىء يدور فى إطار القانون.
الملاحظ الآن أن الدولة تشجع المجتمع المدنى على مشروعات كلها فى اتجاه توفير الطعام، حيث هناك ملايين الكراتين من المواد الغذائية خاصة مع بداية شهر رمضان توزع على المواطنين فى احتفاليات، بلاشك عمل طيب مفيد للأسرة المصرية التي ستتلقى الهدية شاكرة. ولكن ألا يمكن الجمع بين هذا وذاك؟ خصوصا أن كرتونة المواد الغذائية تكفى شهرا من المئونة الغذائية لأسرة واحدة ، في حين أن خدمة طبية جديدة فى مستشفى عام تقى الإنسان شر مرض يداهمه أو توفير دواء لازم لحياة فئة من المرضى الذين يعانون مرضا مزمنا لا أمل فى شفائه بل كل الأمل فى تحسين أحوالهم ليتمكنوا من التنفس دونما صعوبات كمرضى ارتفاع ضغط الشريان الرئوى.
أرجو ألا يتصور أحد أننى أعترض على برامج المعونة الغذائية أو أننى أعترض على سياسات لست من صانعيها. أنا فقط أتساءل فى حدود حرية مواطن يكفلها له الدستور.
الدولة تؤمن بدور المجتمع المدنى فى دعم كيانها وترحب بمساعدة الإنسان فى تأمين حياة كريمة للجميع فلماذا لا تنتبه لما يضعه بعض موظفيها من عراقيل إدارية تمنع أن تتحقق مشروعات فى مجالات الصحة والتعليم فى غاية الأهمية؟
أتمنى أن يطرح موضوع كيف يمكن للمجتمع المدنى أن يكون الداعم الأول لمشروعات الحكومة فى مجالات الخدمات العامة خاصة فى مجال الصحة والتعليم بدلا من الاهتمام بدوره فى توفير الطعام فقط كأنما هو الاحتياج الوحيد لمواطنى مصر وشعبها.
أتمنى لو انتبه أعضاء مجلس النواب ومجلس الشيوخ لأهمية أن يناقشوا بحرية دور المجتمع المدنى فى دعم الدولة فى مشروعاتها الحيوية الخدمية التى تبنى العقول وتحقق البناء الحقيقى لدولة حديثة. وأتمنى لو دعا مجلسا النواب والشيوخ من لديهم أفكار بالفعل بناءة لتطوير دور المجتمع المدنى بل وإذكاء روح التطوع لدى أصحاب الهمة من أبناء مصر والمصريين.
التبرع صورة من صور الخدمة المدنية لكنه ليس الأهم، والتطوع للخدمة المدنية واجب وطنى يجب أن يمارسه الجميع بلا استثناء كل على قدر جهده وما يملك من قدرات.
ماذا يحدث لو تبادلنا الأماكن الآن فدعا مجلسا النواب والشيوخ الآن مواطنين عاديين لم يجر انتخابهم من قبل أو تعيينهم فى مناصب من قبل الدولة ليتحدثوا عن دور يتمنونه للمجتمع المدنى فى مجتمعاتهم كالمستشفيات والمدارس يمكن أن يدعم خدمات أساسية كثيرا ما تتعطل لنقص المستلزمات.
لا أشك فى أننا سنستمع إلى آراء وأفكار حقيقية صادقة مجدية.