«الحصان الأسود» فى انتخابات الرئاسة
محمد عصمت
آخر تحديث:
الأحد 30 أبريل 2017 - 4:18 م
بتوقيت القاهرة
طبقا للمادة 140 من الدستور، ينبغى «أن تبدأ إجراءات انتخاب رئيس الجمهورية قبل انتهاء مدة الرئاسة بمائة وعشرين يوما على الأقل، على أن تعلن النتيجة قبل نهاية هذه المدة بثلاثين يوما على الأقل»، وهو ما يعنى أنه لم يتبق سوى 11 شهرا ــ أو أقل ــ على فتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية فى شهر مارس من العام المقبل، ومع ذلك فإن الهدوء الشديد هو سيد الموقف، لا يوجد حزب سياسى يأخذ هذا الحدث المرتقب بالجدية الواجبة، ولا حتى سمعنا عن تحالفات بين قوى سياسية تتفق فيما بينها على مرشح عنها ببرنامج انتخابى محدد تحاول إقناع المصريين به، اللهم سوى الإخوان المسلمين الذين لا يزال فريق منهم يطالب ــ عن قناعة تامة ــ بعودة مرسى!
من الناحية النظرية يمكن رصد أكثر من اسم لخوض هذه الانتخابات، منهم أحمد شفيق، وسامى عنان، وعمرو موسى، وعبدالمنعم أبو الفتوح، وخالد على، وأيمن نور، بل وحتى حمدين صباحى على الرغم من خسارته بفارق كبير فى الانتخابات السابقة، وإن كنت أتمنى أن يتم التوافق بشكل أو بآخر على مرشح واحد من بينهم يدعمه المرشحون الآخرون، حتى لا يفتتوا الأصوات فيما بينهم، وإن كان من الصعب تصور إمكانية اتفاقهم على برنامج انتخابى محدد، ليبقى الرهان محصورا على مرشح ما – قد يكون من بين هذه الأسماء أو من خارجها ــ ليكون هو الحصان الأسود الذى يستطيع المنافسة بقوة فى الانتخابات المقبلة، ويعطيها نكهة ديمقراطية تنزع عنها تهمة الاستفتاء، أو يفجر مفاجأة غير متوقعة ويكون الرئيس الجديد ببرنامج سياسى مغاير لما يتم العمل به حاليا!
ومع أن شعبية الرئيس السيسى قد تقلصت كثيرا على خلفية الأزمة الاقتصادية الطاحنة التى يكتوى بنيرانها الأغلبية الساحقة من المصريين، فإن الساحة السياسية لم تشهد بزوغ نجم أى منافس حقيقى له ينهى حالة الخمول التى تضرب أرجاء المشهد السياسى، وهو وضع تتحمل مسئوليته السلطة بممارساتها التى تقيد العمل السياسى والجماهيرى بإجراءات وقوانين غير ديمقراطية، كما تتحمل مسئوليته أيضا المعارضة التى تكاد لا تحرك ساكنا إلا فى المناسبات السياسية، ولا تطرح أى بدائل لسياسات الحكومة إلا فى الغرف المغلقة وعلى استحياء شديد.
العمليات الإرهابية المتواصلة ضد رجال الجيش والشرطة، والتفجيرات التى طالت 3 كنائس، استحوذت على اهتمام الشارع السياسى، وجاءت حالة الطوارئ لتفرض المزيد من القيود على أى حراك جماهيرى كان يمكن أن يطالب مثلا بعقد مؤتمرات شعبية فى الأماكن العامة، أو بتنظيم مظاهرات تعارض توجهات الرئيس الاقتصادية والسياسية، أو المطالبة بفتح أبواب أجهزة الإعلام أمام المعارضين، وهى مطالب كان ينبغى أن تستجيب لها السلطة وتنفذها فورا، باعتبارها شروطا أساسية لإجراء انتخابات رئاسية ديمقراطية، تتناسب مع التحديات التى يواجهها ملايين المصريين، الذين يعانون من أوضاع اقتصادية كارثية، ومن تراجع متواصل فى مجال الحريات والعدالة الاجتماعية، مع انتهاكات مستمرة للدستور تبعدهم عن المشاركة بفاعلية فى الحياة العامة!
أهل السلطة والمعارضة فى مصر يتجاهلون حقيقة أساسية، وهى أن عدم إجراء انتخابات رئاسية حرة ونزيهة، وبقواعد ديمقراطية شفافة، تتصارع فيها البرامج الانتخابية وتشارك فيها جماهير الناخبين بفاعلية، ستكون أقصر طريق للفوضى، وأكبر مساعدة للإرهابيين والخارجين عن الشرعية، لأنه عندما يفقد الناس الأمل فى أى تغيير بالطرق السلمية، سيتحولون ــ طال الوقت أو قصر ــ إلى طريق العنف والفوضى فى ظل غياب تنظيمات ثورية او حتى إصلاحية، يتواصلون معها وتتواصل معهم بالشكل الذى يحتوى غضبهم ويوجهه نحو عمل سياسى فاعل ورشيد.
فى تقديرى أن انتخابات الرئاسة المقبلة ستكون الفرصة الأخيرة أمامنا لبناء نظام سياسى ديمقراطى حقيقى، ينبغى أن يختار بمقتضاه ملايين الناخبين فى مصر بين طريقين لا ثالث لهما، إما تأييد خطوات الرئيس السيسى والاقتناع بأن قرارات حكومته المؤلمة ستسفر عن الرخاء فى نهاية الطريق، وإما الرهان على بديل جديد بسياسات مغايرة.. أما إذا فرطنا فى هذه الفرصة أو تحايلنا على استحقاقاتها فسوف نكون بالتأكيد على موعد مع المجهول!