التغيير الإقليمى.. ما هو إلا تسوية ظاهرية دون حلّها فى العمق
من الصحافة الإسرائيلية
آخر تحديث:
الأربعاء 24 مايو 2023 - 8:20 م
بتوقيت القاهرة
الشرق الأوسط يغيّر وجهه، بينما يجرى إنضاج تسويات، هدفها تهدئة التوترات فى عموم الإقليم. الاتصالات من أجل عودة سورية إلى الجامعة العربية، واستئناف العلاقات بين السعودية وإيران، أو تحسين العلاقات مع قطر، أمور كلها بدأت قبل عدة أعوام، ولم تنتهِ العملية بعد. والمطروح اتصالات حثيثة لإنهاء الحرب فى اليمن، وعمليات جسّ نبض بين إيران والأردن ومصر، وبين تركيا وسورية، وبين السعودية و«حماس».
فى الوقت الحالى، دول الإقليم تفضل الدبلوماسية على الصراع المسلح كسبيل لتحقيق أهدافها. عدد من هذه الدول استنفد عقدا من الزمن فى القتال على جبهات مختلفة، سواء مباشرة، أو غير مباشرة. مع ذلك، التغييرات الإقليمية ليست مصالحة عميقة، بل هى انفراج ــ أى تسوية التوترات ظاهريا من دون حلّ المشكلات فى العمق، والتى من المتوقع أن تبرز مستقبلا. والرغبة هى فى طمس المشكلات لعدة أسباب:
أولا: على المستوى السياسى، تريد الدول تهدئة النزاعات للانصراف إلى الاهتمام بقضاياها الداخلية. الدول الفقيرة تريد التوصل إلى ترميم اقتصادها، فى ضوء تداعيات وباء الكورونا، والحرب فى أوكرانيا، وإدارة اقتصادية فاشلة. والدول الخليجية التى استفادت من ارتفاع أسعار النفط، تريد تحقيق مشاريع وطنية ــ بعضها يدل على جنون العظمة، والبعض الآخر هدفه إتاحة تنويع اقتصادى مطلوب.
ثانيا: على المستوى الإقليمى، الدول المجاورة لإيران تريد التقرب منها، وفقا للمثل «ابقِ عدوك قريبا منك»، وانطلاقا من معرفة قوتها الفائضة والاعتراف بأنه من الممكن لجم إيران بأساليب دبلوماسية. وبعض هذه الدول يتخوف من اشتباك محتمل بين إيران وإسرائيل، ومن خلال تحسين علاقاتها بإيران، تسعى هذه الدول لإبعاد نفسها، بقدر الممكن، عن أى مواجهة عسكرية إقليمية يمكن أن تُلحق الضرر بها.
الانفراج الإقليمى يقوده، إلى حد كبير، الحاكم الفعلى فى السعودية محمد بن سلمان الذى يعدّ الأرضية للمملكة، ويريد أن يجمع العالم العربى حوله ــ بالتمويل والوساطة ــ ومن خلال التخلى عن المحاولات العقيمة لتغيير الواقع بالقوة. بن سلمان يريد إنشاء علاقات مع إيران، وفى المقابل، مع إسرائيل ــ لذا، لا يعنى الانفراج عموما إغلاق الباب على التطبيع السعودى ــ الإسرائيلى.
الانفراج الإقليمى لا يبشّر بالسيئ فقط. تحسُّن علاقات إيران مع جاراتها يمكن أن يضيّق على خطواتها، مثلا من خلال استخدام وكلاء عنها ضد جيرانها، وذلك رغبة منها فى المحافظة على علاقات جيدة معهم. عودة سورية إلى حضن الدول العربية يمكن هو أيضا، فى المدى البعيد، أن يُلحق الضرر بمكانة إيران فى سوريا من الناحية الاقتصادية التجارية. أيضا تحسُّن العلاقات بين السعودية و«حماس»، من المحتمل أن تكون له مزايا، وأن يأتى التأثير المتزايد والكابح للمملكة فى الحركة على حساب التأثير الإيرانى.
دول الإقليم تريد تحديد المخاطر والفرص، وهى تريد الولايات المتحدة، وتريد أيضا الصين، وتريد إسرائيل، وأيضا إيران.
بناءً على ذلك، يتعين على إسرائيل صوغ نظرة مبتكرة غير ثنائية، وأن تعرف كيف تعمل فى الواقع الناشئ من أجل كبح إيران والاستمرار فى التطبيع مع الدول العربية.
باحث فى معهد دراسات الأمن القومى
يديعوت أحرونوت
مؤسسة الدراسات الفلسطينية