ملامح إنسانية للإعلان
ليلى إبراهيم شلبي
آخر تحديث:
السبت 25 مايو 2024 - 6:12 م
بتوقيت القاهرة
حينما طالعت خبرا مؤداه أن محاميا مصريا قد رفع دعوى قضائية على معهد الأورام متضررا من القسوة المتعمدة فى الإعلانات التى يحث بها المعهد مشاهدى التليفزيون على التبرع لمرضى السرطان: حسدته على شجاعته وتمنيت لو أننى لم ألجأ لأضعف الإيمان عندما اكتفيت بالتوقف عن مشاهدة كل إعلانات التليفزيون. رغم إيمانى بحسن نية أطباء معهد السرطان ولى بينهم زملاء أعزاء وأصدقاء إلا أن الإعلان بالفعل كان يشير بصراحة مؤلمة إلى أن الموت هو نهاية رحلة علاج المريض رغم أن ذلك ليس صحيحا بالمرة. لم يعد السرطان قدرا محتوما بل فى العالم المتقدم يعالج كمرض مزمن.
الذى أعادنى لتلك التداعيات المؤلمة قصة نشرتها النيويورك تايمز. القصة لشابة فى مقتبل عمرها Faith Brown أجريت لها عملية لاستبدال مفصل الركبة بآخر من المعدن بعد إصابتها بأحد السرطانات النادرة التى تصيب الإنسان فى سنوات النمو. الاستيوسركوما أو سرطان العظام من هذا النوع بالفعل سرطان شرس يستدعى البتر لكن فيث التى تم تشخيصها مبكرا نجت من هذا المصير وكان لها أن تجرى تلك العملية الدقيقة وأن يتم علاجها بالكيماوى.
من أشهر مرضى هذا النوع النادر من السرطان «تيد» ابن السينارتور إدوارد كندى والذى يعمل الآن محاميا مرموقا فى نيويورك.
كان لدى والدى فيث الوعى الذى دفعهما للتميز بين ألم السرطان وآلام النمو التى يشكو منها الشباب فى تلك المرحلة من العمر. بعد الأبحاث التى كشفت عن وجود الورم أجريت فيث الجراحة فى معهد متخصص لأنواع السرطانات النادرة قام بتأسيسه مجموعة من العائلات التى نجا أبناؤها من السرطان بعد علاجات قاطعة ناجحة.
تجرى فى ذات المعهد الآن أبحاث على خمسين دواء مختلفا يسعى الأطباء لاختيار أفضلها للعلاج مستخدمين حيوانات التجارب آملين أن يصلوا قريبا لنتائج جيدة تقبلها وكالة الغذاء والدواء لتبدأ مرحلة التجارب الإكلينيكية على البشر.
رغم ندرة هذا النوع من السرطان إلا أنه حظى باهتمام العلم والعلماء والمجتمع، تأسس المعهد بجهود الأسر التى تم علاج أبنائها وصدرت قصة رومانسية بالغة الرقة تحكى علاقة حب بين شاب وشابة مصابين بذات المرض ويتعافيان معا فى مركز للتأهيل. القصة تحولت إلى فيلم ظل فى السينما لشهور.
قصة فيث مع السرطان نشرتها النيويورك تايمز وقد احتلت صورة لها وهى تسبح مساحة نصف الصفحة. على شفتيها ابتسامة تضىء ملامحها وقد فردت ذراعيها تعوم على ظهرها تحرك ساقيها فى الهواء.
صورة تنتصر للحياة وتحيى فى الروح التفاؤل.
بالمناسبة الصورة تحمل دعوة للتبرع لدعم برنامج علاج السرطانات النادرة لدى الشباب.
هناك صور متعددة كثيرة تحت مسميات مختلفة يمكن للإنسان أن يدعم بها مشروعات الدولة للخدمة فى مجالات الصحة لا تقف عند حدود التبرع بالمال بل هناك ما هو أهم وأجدى.
لا يبرح وجدانى معنى إنسانيا بديعا عرفته مصر المحروسة حينما كان البعض من أبنائها يرصد من ماله وقفا خالصا لله تعالى لتخصيص مرتب دائم لمن يجد فى نفسه التطوع لمؤانسة مريض!
نعم يطلق على هذا الإنسان «مؤنس مريض» يمر على المرضى فى المستشفيات ليجالسهم ويسأل عن أحوالهم ويحاول قدر جهده أن يرفع من معنوياتهم وأن يؤكد لهم أن الشفاء بأمر الله قادم بلا ريب.
حمى الله هذا البلد الذى كانت من أعمال أبنائه الطيبين الخير من أوقاف ترصد لمؤانسة المريض فما بالكم بمن يتبرع لدعم خدمات المستشفيات أو يتطوع للعمل فى مجالات تساندها.
لهذا أحاديث إن شاء الله قادمة.