المشكلة في من يدير أمريكا!
مواقع عربية
آخر تحديث:
الإثنين 24 يوليه 2023 - 7:50 م
بتوقيت القاهرة
نشر موقع 180 مقالا للكاتب سميح صعب، تناول فيه زيارة وزير الخارجية الأمريكى سابقا ــ هنرى كيسنجر ــ للصين باعتباره مواطنا أمريكيا لا مسئولا رسميا، ونجاحه فى لقاء مسئولين صينيين ــ كوزير الدفاع الصينى ــ رفضوا الاجتماع مع نظرائهم الأمريكيين، مما يؤكد أن مشكلة بكين ليست مع أمريكا كدولة،وإنما مع عقلية من يدير الولايات المتحدة..
نعرض من المقال ما يلى. أن يتكبّد وزير الخارجية الأمريكى سابقا هنرى كيسنجر، عناء السفر إلى الصين التى تمر بأدنى مرحلة من العلاقات مع الولايات المتحدة، فلا بد أن الأمر يستحق هذا العناء لإعادة تصويب المسارات الديبلوماسية بين أكبر اقتصادين فى العالم، وتجنب أن يفضى التنافس بينهما إلى صدام. قبل زيارة كيسنجر المفاجئة الثلاثاء الماضى، تقاطر المسئولون الأمريكيون على بكين، من وزير الخارجية أنتونى بلينكن فى أواخر يونيو إلى وزيرة الخزانة جانيت يلين فى أوائل يوليو إلى المبعوث الخاص للمناخ جون كيرى الأسبوع الماضى. أعادت هذه الزيارات بعض الحرارة إلى العلاقات الأمريكية ــ الصينية. لكن بقيت رحلة كيسنجر هى الأكثر دويا، نظرا إلى دوره التاريخى فى صياغة العلاقات بين الجانبين. قمة الرمزية فى الزيارة، كانت استهلال كيسنجر لقاءاته فى بكين مع وزير الدفاع الصينى الجنرال لى شانج فو. الرجل يخضع لعقوبات أمريكية منذ عام 2018 بسبب دوره فى شراء أسلحة روسية من الصين فى العام 2017. وهو رفض فى مايو الماضى لقاء نظيره الأمريكى لويد أوستن على هامش منتدى شانجرى ــ لا الأمنى فى سنغافورة. وقطعت بكين الاتصالات العسكرية مع أمريكا على أثر زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكية السابقة الديموقراطية نانسى بيلوسى لتايوان قبل عام من الآن. وتلح إدارة بايدن على ضرورة معاودة الاتصالات العسكرية من أجل تجنب حوادث بالخطأ فى منطقة آسيا ــ المحيط الهادئ، خصوصا مع ارتفاع التوتر حول تايوان وفى بحر الصين الجنوبى. وأول ما يتبادر إلى الذهن سؤال: من الذى استعان بكيسنجر، واشنطن أم بكين؟ من الحفاوة التى أحاط بها القادة الصينيون الزيارة، بدا أنهم يريدون بعث رسالة واضحة لإدارة بايدن: نريد العودة بالعلاقات إلى أصولها، وأن لا مشكلة للصين مع أمريكا كبلد، وإنما المشكلة فى من يدير أمريكا. وإدارة بايدن التى كانت على دراية بالزيارة، حرصت على النأى بنفسها عنها، من خلال القول بأن كيسنجر يزور الصين كمواطن أمريكى وليس كمبعوث رسمى. ولم تخفِ استياءها من قدرته على لقاء مسئولين صينيين رفضوا الاجتماع مع نظرائهم الأمريكيين.. وكان المقصود هنا وزير الدفاع الصينى. لا ينفى ذلك، أن واشنطن يهمها أن تعرف ما سمعه الديبلوماسى المخضرم من القادة الصينيين، وهل ثمة فرصة لإحياء التعاون مع بكين فى ظرف يواجه فيه العالم تحديات تزداد إلحاحا يوما بعد يوم، من الحرب الأوكرانية إلى القبة الحرارية التى تشوى الكرة الأرضية وتشكل لها تهديدا وجوديا، إلى الذكاء الاصطناعى وما بعده. والدور المتعاظم للصين فى الشئون العالمية يقض مضاجع الإدارة الأمريكية. هى تريد علاقات مع الصين، لكن تحت سقف النظام العالمى الذى تقوده واشنطن منذ أكثر من ثلاثة عقود. إن مبادرة الصين إلى أدوار سياسية فى العالم باتت مصدر قلق عميق لأحادية أمريكا. من الشرق الأوسط الذى يتوسع فيه الحضور الجيوسياسى للصين إلى أوروبا، تبدو أمريكا عاجزة عن كبح التمدد الصينى الاقتصادى والسياسى. وبالتزامن مع وجود كيسنجر فى بكين، فى زيارة حملت الرقم مائة خلال نصف قرن، بدأ النواب الأمريكيون تحقيقا فى استثمارات قامت بها أربع شركات أمريكية لرأس المال الاستثمارى فى شركات صينية متخصصة فى الذكاء الاصطناعى والرقائق الدقيقة والحوسبة الكمية. وفى غمرة التعقيدات التى تهيمن على العلاقات الأمريكية ــ الصينية، أتت زيارة هنرى كيسنجر إلى بكين. فهل يُمكن أن تفضى إلى اختراق وتمهد للقاء محتمل بين بايدن وشى جين بينج فى الهند الشهر المقبل على هامش قمة مجموعة العشرين؟ هذا ممكن إذا قرّرت واشنطن سلوك طريق أكثر واقعية فى السياسة، وأقرت بأن التعاون، وليس الاحتواء السياسى والاقتصادى والعسكرى، هو أفضل طريق للتعامل مع الصين، والبحث معها عن حلول للقضايا الدولية بدءا من تايوان إلى أوكرانيا إلى غليان الكوكب.
النص الأصلي