امتنع الرئيس الأمريكي عن مقابلة رئيس الوزراء الإسرائيلي منذ توليه منصبه، وعندما التقي به أخيرا، كان ذلك على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، وليس في البيت الأبيض. تحدثا في اللقاء عن الاتفاق التاريخي بين إسرائيل والسعودية، لكن يؤكد الخبراء أن اليسار في إسرائيل يعارض من الصفقة الجزء الخاص بامتلاك الرياض برنامج نووي، بينما اليمين يقف متيقظا إزاء أي محاولة لإعطاء الشعب الفلسطيني أي مكتسبات. في ضوء ذلك، تناولت الصحف الأجنبية والإسرائيلية استحالة قبول ائتلاف نتنياهو الحالي لاتفاق التطبيع... نعرضها فيما يلي.باديء ذي بدء، التقى بايدن بنتنياهو على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع الماضي. وعلى الرغم من أن العلاقة بين الزعيمين تمتد لعقود من الزمن، إلا أنها توترت بسبب احتضان نتنياهو لسياسات اليمين المتطرف. لم يقابل بايدن رئيس الوزراء الإسرائيلي منذ أن تولى الأخير منصبه، قبل تسعة أشهر تقريبا، واكتفي الرئيس الأمريكي بساعة من الزمن مع نتنياهو وفريقه في غرفة قاتمة إلى حد ما في فندق ديفيد إنتركونتيننتال بنيويورك، ومع ذلك بدا أن بايدن قد وضع جانبا إحباطاته تجاه الحكومة الإسرائيلية المتطرفة وبدأ يمهد الطريق لانتصار دبلوماسي محتمل لرئيس الوزراء الإسرائيلي وهو تطبيع العلاقات بين تل أبيب والرياض.
قال بايدن لنتنياهو: "إذا كنت أنا وأنت، قبل 10 سنوات، نتحدث عن التطبيع مع المملكة العربية السعودية، أعتقد أننا كنا سننظر إلى بعضنا البعض ونقول: هل شربنا شيئا؟!".
وقال نتنياهو لبايدن: أعتقد أنه تحت قيادتك، سيدي الرئيس، يمكننا تحقيق سلام تاريخي بين إسرائيل والسعودية. وأضاف: إن مثل هذا السلام سيقطع شوطا طويلا أولا نحو إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي وتحقيق المصالحة بين العالم الإسلامي والدولة اليهودية وتعزيز السلام الحقيقي بين إسرائيل والشعب الفلسطيني.
إذن، أصبحت إمكانية إقامة علاقات دبلوماسية رسمية بين الدولة اليهودية والسعودية- الدولة الوصي على أقدس موقعين في الإسلام- أمرا حقيقيا وليس ضربا من الخيال. وتعمل إدارة بايدن مع الجانبين على حزمة من الاتفاقيات والتنازلات التي من شأنها أن تجعل ذلك ممكنا.
في مقاله على صحيفة Washingon Post The، قال إيشان ثارور إن إسرائيل والسعودية ليستا في حالة حرب، وقد أنشأتا بالفعل علاقات سرية وغير رسمية. وأضاف: تشمل الخطوط العريضة للصفقة المحتملة ضمانات أمنية أمريكية للسعودية وتطوير برنامج نووي سعودي، وتطرح عبارات- غامضة- عن تنازلات للشعب الفلسطيني، الذي يعيش محروما من نفس الحقوق السياسية التي يتمتع بها جيرانه. ناهينا عن أن محمد بن سلمان- ولي العهد السعودي- معجب جدا بقطاع التكنولوجيا الإسرائيلي ويريد تعزيز الشراكات الأمنية بين البلدين في مواجهة خصمهما المتبادل، إيران. وفي مقابلة مع شبكة فوكس نيوز الأسبوع الماضي، قال: "كل يوم نقترب" من اتفاق التطبيع.
لكن في الحقيقة اتفاقيات أبراهام لم تفعل الكثير لتحسين محنة الشعب الفلسطيني. قال أنور قرقاش، مسئول كبير في السياسة الخارجية الإماراتية ردا على سؤال صحفي وجه له في مانهاتن الأسبوع الماضي وهو "هل كان من المفترض أن تحل اتفاقيات أبراهام القضية الفلسطينية؟"، أجاب قرقاش بصراحة "أنها لا تفعل ذلك"، مضيفًا أن الشعب الفلسطيني حصل على شيك على بياض لسنوات من الشركاء العرب، لكنهم لم يفعلوا أي شيء بهذا الدعم.
الفارق الكبير بين اتفاقات أبراهام والاتصالات مع الجانب السعودي بشأن التطبيع هو الوضوح. بعبارة أخرى، لم يخبر نتنياهو أحدا عن اتفاقيات أبراهام عندما كانت قيد الإعداد، وقام بصياغة الصفقات بهدوء. كما أنه أخفى الصفقة الأمريكية الإماراتية لشراء 50 طائرة مقاتلة من طراز F-35 (بالإضافة إلى معدات عسكرية متقدمة بقيمة 23 مليار دولار) حتى عن وزير دفاعه. لكن في الوضع الحالي (التطبيع مع المملكة السعودية)، نحن نتحدث عن مطالب تخص الشعب الفلسطيني، ومعدات عسكرية ومعاهدة دفاع، والأهم من ذلك كله هو امتلاك القدرة النووية. باختصار، الجانب السعودي يرغب في الحصول على ما يستطيع الزعيم الأميركي (المسن) أن يقدمه لهم في مقابل التطبيع مع إسرائيل.
بشكل أساسي، الصفقة المقترحة- بشكلها الحالي- يستحيل أن يوافق عليها اليمين المتطرف المتحالف مع نتنياهو، وإلا سيتعين على الأخير أن ينهي تحالفه إذا أراد إقامة علاقات مع السعودية، لكن هل سيفعل ذلك؟
وفقا للكاتب يوسي فيرتر في مقاله على صحيفة هآرتس، لا يحذر من الصفقة المرتقبة مع السعودية سوى يسار الوسط والرؤساء السابقون للمؤسسة الأمنية، بينما جناح نتنياهو اليميني ليس في ذهنه سوى بناء جبهة ضد القضية الفلسطينية، في حين أن الرغبات النووية للرياض هي الجزء الأكثر أهمية في الاتفاق المزمع.
بعبارة أوضح، سموتريش- وزير المالية الإسرائيلي- مهتم كثيرا بالقضية الفلسطينية، وينطبق الشيء نفسه على متطرفي الليكود، الذين قرروا التصدي لنتنياهو قبل أن يعد بأي شيء فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية. حيث وقع 12 عضو كنيست من الكتلة الحاكمة على رسالة تهديد وأرسلوها إلى رئيس حزبهم. ويتكهن البعض بأن الرسالة تمت صياغتها بموافقة نتنياهو حتى يتمكن من إظهار الصعوبات التي يواجهها في الداخل والتحجج بها.
خلاصة القول واضحة: لن يحصل الشعب الفلسطيني على أي شيء، وسوف يستمر الوضع كما هو عليه، وستظل السلطة الفلسطينية تقترب من الانهيار. والأخطر من ذلك هو الوعود الفارغة التي صرح بها نتنياهو في نيويورك بشأن مراجعة مشروع الإصلاح القضائي.
قبل صعوده إلى الطائرة في رحلته إلى الولايات المتحدة، قرر التحريض ضد الحركة الاحتجاجية لإنقاذ ديمقراطية إسرائيل، وقال إنهم "يوحدون قواهم مع منظمة التحرير الفلسطينية وإيران". كان المعنى الضمني هو أنه لا بأس بقتلهم.