الفقر الاجتماعى فى أمريكا.. وضع سيئ وغياب الحلول

قضايا مجتمعية
قضايا مجتمعية

آخر تحديث: الخميس 24 أكتوبر 2024 - 7:55 م بتوقيت القاهرة

يتناول الكُتاب ملامح تدهور جوانب الحياة الاجتماعية فى أمريكا، منها قضاء وقت أقل مع الأصدقاء، والابتعاد عن تأسيس حياة زوجية مستقرة، والانصراف عن المؤسسات الدينية. لذا باتت ثقة الفرد تجاه الآخر أقل مما كانت عليه فى الماضى، وبالتالى قلت مستويات دعم الناس لبعضهم.
الغريب فى الأمر هو تركيز صناع السياسات على الفقر الاقتصادى بدلا من الاعتراف بمشكلة الفقر الاجتماعى الصارخة. إضافة إلى جهود المدن الأمريكية لتوفير دخل أساسى مضمون للسكان بالمشاركة فى مشاريع تجريبية. وعلى المستوى الوطنى، دعا الديمقراطيون وبعض الجمهوريين فى الكونجرس إلى توفير آلاف الدولارات الإضافية للأسر ذات الدخل المنخفض من خلال توسيع نطاق الإعفاء الضريبى للأطفال.
لماذا يركز صناع القرار على حل قضية الاقتصاد التى تتحسن بالفعل، بدلاً من حل مشكلة الفقر الاجتماعى التى تتفاقم؟
إن السبب وراء ذلك يرجع جزئيا إلى أن الحكومة تجمع معلومات هائلة عن دخول الأفراد والأسر والمناطق ــ وبالتالى تستطيع الحديث بدقة عن التغييرات والتفاوت فى الدخل ومستويات المعيشة المادية. على الجانب الآخر، تفتقر الحكومة إلى البيانات الدقيقة عن الرفاهية الاجتماعية الفردية، وخاصة فيما يتصل برأس المال الاجتماعى، أى قوة وعدد العلاقات مع الناس والمؤسسات القيمة لدى الفرد. إذن من الصعب حل مشكلة لا يمكن قياسها.
ينفى الكُتاب الغياب التام للإلمام بجوانب مشكلة الفقر الاجتماعى. على سبيل المثال، وثق روبرت بوتنام، عالم سياسة أمريكى، تراجع تأثير الأندية والمؤسسات المدنية، كما أظهرت اللجنة الاقتصادية المشتركة كيف اختلف رأس المال الاجتماعى عبر الولايات الأمريكية. وقارن تشارلز موراى، كاتب وعالم سياسة أمريكى، بين العلاقات الاجتماعية للطبقة العاملة والطبقتين المتوسطة والعليا فى الولايات المتحدة، إضافة إلى استخدم فريق راج شيتى، أستاذ الاقتصاد بجامعة هارفارد، ومدير مؤسس لمؤسسة Opportunity Insights بيانات فيسبوك لقياس مدى انتشار الصداقات عبر المستويات الاجتماعية والاقتصادية المختلفة. لكن لم يكشف هذا البحث عن الفئة المعنية بالضبط بالفقر الاجتماعى، ولأى مدى يصل التأثر بهذا الفقر، وعلاقة هذا الأمر بالفقر المادى، فمن الصعب تصميم حلول سياسية تستهدف المشكلة دون توافر إجابات واضحة ودقيقة.
قام كُتاب المقال بتجميع بيانات جديدة عن الرفاهية الاجتماعية للأمريكيين بجانب بيانات شاملة عن الرفاهية الاقتصادية للمساعدة فى إيجاد تفسيرات أوضح لمشكلة الفقر الاجتماعى. ويستند مقياس الرفاهية الاجتماعية لدى وينشيب، وكورينث، وأورورك إلى مجموعة من السمات: الترابط الاجتماعى، والمشاركة المجتمعية، وقوة العلاقة الأسرية، والمشاركة الدينية، والثقة الاجتماعية، والعمل.
وجد وينشيب، وكورينث، وأورورك أن المجموعات الديموغرافية التى تميل إلى مواجهة أكبر قدر من العوائق الاقتصادية تواجه أيضًا أكبر قدر من العوائق الاجتماعية. بمعنى أوضح، تكون الرفاهية الاجتماعية أعلى لمن هم فى منتصف العمر مقارنة بأكبر وأصغر الأمريكيين سنًا، ويتمتع خريجى الكليات بمعدل رفاهية اجتماعية أعلى ممن لا يحملون شهادة الثانوية العامة، وكذلك ترتفع معدلات الرفاهية لدى الأفراد البيض عن أقرانهم الأمريكيين السود واللاتينيين.
تسلط نتائج البحث الضوء على العلاقة بين الدخل المادى والرفاهية الاجتماعية. فالأمريكيون من ذوى أدنى مستويات الدخل يميلون إلى أن يكونوا الأكثر فقرا اجتماعيا أيضا. إذن تزداد مستويات الرفاهية لدى الأمريكيين بزيادة الدخل، ولكن إلى حد معين. بعبارة أخرى، إن فجوة الرفاهية الاجتماعية بين الأمريكيين الفقراء وذوى الدخل المتوسط ​​أكبر كثيرا من الفجوة بين الأمريكيين من ذوى الدخل المتوسط ​​والمرتفع.
يعتقد كُتاب المقال أنه يجب على صناع السياسات الجادين فى معالجة مشكلة الفقر الاجتماعى التركيز على الفئات السكانية التى تعانى من الفقر الاقتصادى، مع العلم أن تحويل المزيد من المال ليس هو الحل. لأن الأفراد الذين يعتمدون على الحكومة فى الحصول على نصف دخلهم هم الأكثر عرضة للمعاناة من الفقر الاجتماعى.
يتطلب حل قضية الفقر الاجتماعى إيجاد السبل لبناء وتعزيز العلاقات داخل الأسر والمجتمعات والمؤسسات المدنية.
خلاصة الأمر، يرى وينشيب، وكورينث، وأورورك أن مشكلة الفقر الاجتماعى متعددة الأوجه، لذا فإنها تتطلب مجموعة متنوعة من الحلول. ويؤكد الكُتاب أن مساعدة المحرومين على الازدهار لن تتم إلا من خلال معالجة تآكل الروابط الاجتماعية بجانب توفير مستوى معيشى لائق لهم دون تفضيل حل على آخر.

سكوت وينشيب وكيفن كورينث وتوماس أورورك

American Enterprise Institute
ترجمة: وفاء هانى عمر
النص الأصلى:
https://tinyurl.com/2hza38wv

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved