داخل اللجنة رقم ١٩
عماد الدين حسين
آخر تحديث:
الثلاثاء 24 نوفمبر 2015 - 11:00 م
بتوقيت القاهرة
بعد ظهر أمس الأول، دخلت إلى مقر اللجنة الفرعية رقم ١٩، ومقرها مدرسة الشهيد عبدالحافظ بشارع الرشيدى بالسيدة زينب بالقاهرة.
أمام المدرسة لم تكن هناك طوابير أو زحام شديد، كما كان الحال فى الاستحقاقات الانتخابية الماضية، لكن اللجان لم تكن خاوية تماما.
اختفت من أمام اللجان ظاهرة حاملى الكمبيوتر إلى اخترعها الإخوان عام ٢٠١١ لإرشاد الناخبين البسطاء والمحتاجين والتأثير عليهم، لكن فى المقابل زادت ظاهرة انصارالمرشحين الساعين إلى شراء الأصوات.
قلة الإقبال ثم زيادة اللجان الفرعية داخل كل مجمع انتخابى كان له دور فى الهدوء الذى ساد الانتخابات عموما، ووصل أحيانا إلى درجة الشعور بالملل، التى تحدث عنها الكثير من المصريين بسخرية. وأظن أن بعض اللجان لجأت إلى دمج بعض اللجان الفرعية فى ظل قلة الإقبال من جهة وتوفير الوقت والجهد من جهة أخرى.
ومن خلال رسالة إلكترونية عرفت كل تفاصيل لجنتى، وحينما دخلت لم أواجه أى صعوبة بالمرة، أخذت ورقتى التصويت، واخترت سيدة، ومرشحا آخر، ثم القائمة.
أثناء التصويت دخل رجل يقترب من الستين، وسأل رئيس اللجنة، قائلاً: «أريد أن أعرف اسم القائمة التى تنتمى إليها السيدة.......، حتى أعطى لها صوتى»، لكن رئيس اللجنة قال له إن ذلك ممنوع، ثم كرر الرجل طلبه، وأخيرا استجاب رئيس اللجنة، وطلب منى أن أساعده، وأخبرته باسم القائمة، وبعده دخل ناخب آخر قائلاً بصوت عال: «يا باشا عايز أصوت لقائمة......»، وبكل أدب طلب منه رئيس اللجنة أن يصوت سرا.
الناخبان تصرفا على سجيتهما، وهما عينة عشوائية حقيقية لكثير من الناخبين، الذين لا يعرفون أسماء المرشحين أو حتى القوائم التى اتخذوا قرارا بالفعل بالتصويت لها، فما بالك بمن لا يعرفون!
عندما خرجت من اللجنة كان شاب أقل من الثلاثين يهم بالدخول، ومعه ثلاث سيدات، إحداهن شابة أيضا. سألت أحد الموجودين عن عدد الشباب، فقال لى ليس قليلاً، لكنه ليس كثيرا مثل سنوات الثورة الأولى. نسبة من الشباب شاركت فى الانتخابات الأخيرة ليس بدافع سياسى، لكن لأسباب عائلية أو قبلية أو مصلحية أو لبيع أصواتهم.
وبالتالى تظل فكرة أن مقاطعة الشباب المسيس أو الناشطين لها تأثير فى المشهد العام لسبب جوهرى أن هذه الفئة، حتى لو كانت قليلة عدديا، إلا أنها الأعلى صوتا، والأكثر تأثيرا بحكم نشاطها فى وسائل التواصل الاجتماعى، والأهم لديها القدرة أحيانا على قيادة قطاعات لا بأس بها من الرأى العام.
وكما كتب بصدق زميلى محمد عصمت أمس فى «الشروق» فإن الانتخابات هى انعكاس وترجمة صادقة لحالة المجتمع الراهنة وطريقة إدارة الحكومة، لا أكثر ولا أقل.
هناك مواطنون عاديون يريدون الستر والاستقرار والحد الأدنى من المعيشة، ويعتقدون أن وجود برلمان سوف يساهم فى تحقيق ذلك، وهناك أحزاب فعلت كل شىء مشروع أو غير مشروع من أجل الحصول على أكبر قدر من المقاعد، وهناك قوى سياسية فضلت الابتعاد عن المشهد بحكم القانون الجائر للانتخابات، والأهم بحكم المناخ الذى حاصر العمل السياسى.
أخشى أن تتأثر سمعة البرلمان المقبل بظاهرة المال غير المسبوقة، التى تدفقت لشراء إرادة الناخبين أو حتى شراء مرشحين جاهزين من قبل أشخاص أو أحزاب.
ورغم ذلك أتمنى مرة أخرى ألا أصدق غالبية المؤشرات، وأن نراهن على أن يلعب البرلمان دور المفرمل لأى جنوح يريد تأميم السياسة.
أتمنى أن يستوعب البرلمان كل خناقات وصراعات ومعارك القوى السياسية والأحزاب بدلاً من انتشارها فى الشوارع.
ما رأيته فى اللجنة رقم ١٩ بالسيدة زينب ظهر الاثنين الماضى يقول إن أمامنا طريق طويل حتى نصل إلى الديمقراطية التى نحلم بها.