مرحبا بالهدنة
ناجح إبراهيم
آخر تحديث:
الجمعة 24 نوفمبر 2023 - 8:05 م
بتوقيت القاهرة
مرحبا بالهدنة، مرحبا بأى سلام، مرحبا بأى توقف للحرب،الحروب ليست لعبة، إنها الدماء والأشلاء والجراحات والبكاء والعويل واليتم والثكالى، ينتصر فيها القوى عادة، مهما كان باغيا أو ظالما أو محتلا.
الدنيا ينتصر فيها القوى، والآخرة ينتصر فيها الحق، العدل الحقيقى فى الآخرة فقط، لو كانت الدنيا دار عدل ما كانت هناك آخرة.
أيام الهدنة هذه ستكون فرصة للشعب الفلسطينى المكلوم للبحث عن المفقودين، ودفن الجثث، وعلاج أو نقل الجرحى إلى مستشفيات أخرى خارج القطاع، ستكون فرصة لكل أسرة لتعرف عدد ضحاياها وجرحاها ومفقوديها، لن تكون فيها للعزل من أهل غزة سوى تجدد الأحزان عندما يعرفون أن مزيدا من أسرهم قد دفن ومات تحت الأنقاض.
الشعب الفلسطينى لم يعرف الراحة يوما، منذ أن زرعت بريطانيا هذا الكيان زرعا فى فلسطين، ورعاه وحماه الغرب، حتى استوى على سوقه فأصبح جبارا عتيدا، يذيق الويلات لهذا الشعب المسكين، الذى يعيش موجات متعاقبة من المذابح والتهجير،كل عدة سنوات مذبحة إسرائيلية كبرى يليها تهجير، وهكذا.
إسرائيل تعشق المذابح للضعفاء فمذابحها أكثر من أن تحصى، وهى الاحتلال الوحيد الباقى على ظهر الكرة الأرضية ثم تبعه منذ عامين الاحتلال الروسى لأوكرانيا، وقامت الدنيا ولم تقعد حتى الآن تنديدا بالاحتلال الروسى، وترحيبا ودعما ومؤازرة من الغرب كله للاحتلال الإسرائيلى، ازدواج خطير للمعايير.
إسرائيل تحارب فلا يفقد اقتصادها درهما واحدا، بل تتلقى مليارات الدولارات، فضلا عن فتح كل مخازن الأسلحة الأمريكية والغربية، هى تحارب بأموال الآخرين، وعلى نفقة الآخرين، وما يؤلمها فقط هو خسائرها البشرية.
ولم يؤلمها فى 6 أكتوبر عام 1973، و7 أكتوبر عام 2023 سوى خسائرها البشرية واهتزاز صورة جيشها الذى كانوا يقولون عنه «لا يقهر»، وهو يخسر فى كل مواجهة متكافئة على الأرض مواجهة رجل برجل، وجندى بجندى، وليس مواجهة طائرة من أحدث طراز لمدنيين عزل.
أما حين مواجهة الطائرة الإسرائيلية لطائرة مصرية أقل منها تكنولوجيا وتسليحا فى حرب 73 فقد نجحت الطائرة المصرية فى إذلال سلاح الطيران الإسرائيلى، ومعركة المنصورة مسجلة فى التاريخ العسكرى كأكبر معركة طيران عسكرى فى العالم، وسقط فيها قرابة 21 طائرة إسرائيلية فى مذبحة للطيران الإسرائيلى.
إسرائيل تعشق المذابح والقرآن أخبرنا بذلك «كلما أوْقدوا نارا للْحرْب أطْفأها الله ۚ ويسْعوْن فى الْأرْض فسادا ۚ والله لا يحب الْمفْسدين».
إسرائيل تريد كل شىء ولا تريد أن تعطى للعرب شيئا، تريد أرض العرب، واقتصاد العرب، وقيادة الشرق الأوسط كله زاعمة أنها زعيمة الحضارة وسط أجلاف متخلفين.
ماذا ستقدمين يا إسرائيل للعرب سوى الخراب والدماء والأشلاء والهدم والدمار واحتلال بلادهم والمذابح لشعوبهم بين الحين والآخر، لن نقبل قيادتك أبدا للعرب مهما انجرف البعض لاحتضانك وعشق هواك، عشقك مسوم لأنك لم تنصفى العرب يوما، حتى بعد أن سالموك وصالحوك، لا تريدين للعرب قوة ولا بأسا ولا تقدما ولا حضارة، تريدين الاستئثار بكل شىء.
قتلت 12 ألف مدنى فلسطينى فى غزة، قرابة 5 آلاف طفل وهدمت المستشفيات والمدارس وقصفت عربات الإسعاف وهجرت أكثر من مليون فلسطينى غزاوى، كل ذلك فى أقل من شهرين فكيف نرضاك شريكا لحياتنا.
هذه المذابح جعلت الأجيال الشابة من العرب والمسلمين وغير المسلمين فى العالم كله يعرف حقيقة همجية الجيش الإسرائيلى ودولته، لم يكن هذا الشباب يعرف شيئا عن مذابحك السابقة، ولكنه الآن عرف حقيقة الدولة العبرية التى تقوم على المذابح والتطهير العرقى، وهى الدولة الدينية الوحيدة فى العالم.
تحية للشعب الفلسطينى فى الأرض المحتلة وفى غزة الذى أظهر معدنا نفيسا فى الصبر والجلد والتوكل والعزة والكرامة.
سلام على شهداء غزة، سلام على أيتام غزة وجرحاها وأراملها، ومرحبا بالسلام فى كل وقت.