كراكيب رقمية
صحافة عربية
آخر تحديث:
الأحد 24 نوفمبر 2024 - 6:40 م
بتوقيت القاهرة
نشرت جريدة الخليج الإماراتية مقالًا للكاتب حسن مدن تناول فيه ظاهرة «الاكتناز الرقمى»، وهى الحالة التى تصف احتفاظ الأفراد بمعلومات وبيانات على هواتفهم دون فائدة. يطلق الكاتب على هذه الحالة اسم كراكيب رقمية إذ يرى تشابهًا بين ارتباط الناس برسائل وأرقام على الهواتف غير ذى فائدة والاحتفاظ بأشياء قديمة فى منزلهم أصبحت كراكيب لا أكثر، ويوضح الكاتب التفسير العلمى لهذه الحالة بأنه ارتباط عاطفى بهذه البيانات المسجلة.. نعرض من المقال ما يلى:
مفردة «الاكتناز الرقمى» الواردة فى عنوان تقرير عن حيرة الأفراد تجاه ما تمتلئ به هواتفهم من ملفات ورسائل قديمة، أعادتنى إلى الكتاب الجميل «عبودية الكراكيب»، وهو كتاب قديم، حتى إن ترجمته العربية التى وضعتها مروة هاشم، صدرت قبل أكثر من عشرين عامًا. واسم الكتاب هو «عبودية الكراكيب» أو «كيف تتخلص من الكراكيب على الطريقة الفينج شوى الصينية؟» لمؤلفته كارين كينج ستون، وفكرة الكتاب تنطلق من الدعوة للتخلص من الزوائد فى حياتنا، الأشياء التى تتراكم فى غرفنا وبيوتنا دون أن تكون لها فائدة تُذكر. وفى أحد مواضع الكتاب، تقدّم الكاتبة نصيحة ذهبية بعدم التردد فى التخلص من الكراكيب، مفندة الحجج التى يمكن أن نضعها نحن أمام أنفسنا لعدم الإقدام على هذه الخطوة، داعية إلى «إطلاق سراح» الأشياء التى لم نعد نحبها ولا نستخدمها.
حين وضعت الكاتبة كتابها هذا عن عبودية الكراكيب المتراكمة فى غرف منازلنا وخزانات ملابسنا، لم يكن للعالم الرقمى الحضور الذى هو عليه اليوم، لذا قد يجوز لنا أن نحوّر عبارة «الاكتناز الرقمى» التى يتحدث عنها التقرير إلى «الكراكيب الرقمية»، واللافت أن واضعى التقرير كادوا ينحون المنحى الجرىء للكاتبة حين دعتنا إلى عدم التردد فى التخلص من الكراكيب، معتقدة أن حياتنا دونها ستصبح أكثر حرية، لأنهم، أى واضعى التقرير، تحدثوا عن اضطراب أسموه الاكتناز القهرى، حين يجد المرء نفسه يشعر بصعوبة فى حذف الرسائل القديمة، أو إذا كان يشعر بأن هاتفه مليء بالملفات التى لا يعرف كيف يديرها، ويرتبط هذا الاضطراب عادة بما يعرف فى علم النفس باضطراب الوسواس القهرى، ويتجلى فى الإفراط فى تكديس وتجميع المقتنيات، والصعوبة الكبيرة فى اتخاذ قرار بشأن التخلص من الممتلكات الشخصية غير الضرورية، بما فى ذلك الملفات الرقمية، مثل رسائل البريد الإلكترونى أو الصور أو النصوص وغيرها، والتى تتراكم فى حياتنا اليومية.
وفق أستاذ للطب النفسى والعلوم السلوكية الحيوية فى جامعة أمريكية، فإن مستخدم الهاتف الذكى قد يشعر بالارتباط العاطفى بالبيانات الرقمية ويكافح لتنظيمها أو حذفها، ما يؤدى إلى التوتر والقلق، وربما يتصل الأمر بالخوف من الحاجة إلى هذه المعلومات فى مرحلة ما فى المستقبل، رغم أنه قد لا تكون لدى المحتفظ بها القدرة على الوصول إليها ولا يعرف أين يجدها ساعة حاجته إليها.
وكما لاحظت مؤلفة «عبودية الكراكيب» أننا جميعًا نعانى مما تراكم فى بيوتنا من زوائد، يلاحظ المختصون الرقميون أننا جميعًا نتعامل مع الفوضى الرقمية أكثر مما نعتقد، وللتخلص منها علينا تخصيص القليل من الوقت يوميًا لحذفها، فلذلك فوائد كبيرة علينا من النواحى النفسية والمزاجية والإنتاجية.