إرهاب فى برلين
الأب رفيق جريش
آخر تحديث:
السبت 24 ديسمبر 2016 - 9:35 م
بتوقيت القاهرة
ليلة من الليالى السابقة للاحتفال بعيد الميلاد وفى السوق الذى يتسوق فيه الناس استعدادا لهذا العيد فيشترون الزينة والهدايا والأطعمة وهم آمنون فى ظلال كنيسة الذكريات التى دُمرت فى الحرب العالمية الثانية وأعيد ترميمها، ولكن تاركين برج الجرس كما هو من دمار حتى يتذكر الناس بشاعة الحرب. إذ بأتوبيس للبضائع أسود اللون يدخل فى الناس ليدهسهم على غرار حادثة نيس فى فرنسا فى 14 يوليو الماضى فيقتل 12 شخصا ويصيب 50 شخصا آخرين ويهرب المجرم والإرهابى فى وسط زحام البلبلة لتبحث عنه الشرطة الألمانية والأوروبية فى كل مكان. هذا الإرهابى أمير العمرى تونسى المواطنة أبحر من تونس فى هجرة غير شرعية منذ خمس سنوات لتطأ قدمه جزيرة لاميدوزا الإيطالية التى استقبلت آلافا من المهاجرين غير الشرعيين وقدمت لهم إيطاليا المأوى والمسكن والدفء، ولكنه دخل فى عالم الجريمة حتى سُجن وفى السجن الإيطالى تم استقطابه من قبل السلفيين زملائه حتى تطرف، وعند خروجه من السجن عرفت الأسلحة طريقها إلى يديه التى اقترفت هذه الجريمة الشنعاء فى حق مواطنين آمنين يستعدون للاحتفال بعيد الميلاد وضد دول استقبلته وقدمت له يد العون والمساعدة.
هذا الإرهابى نموذج من الصناعة التى تخلق قنابل موقوتة فى كل مكان فى العالم. إن كان فى مصر والشرق الأوسط مرورا بأفريقيا وانتهاء بأوروبا. هذه الحادثة سيكون لها أثر سلبى على المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل رئيسة الحزب المسيحى الديمقراطى التى تستعد للانتخابات الألمانية والتى تزعمت رغم المعارضة الكبيرة فى بلادها وأوروبا ضرورة استقبال المهاجرين الهاربين من ويلات الحروب والمجاعات والمضطهدين سياسيا ودينيا فى بلادهم، وأخذت ابنة القس المولودة فى ألمانيا الشرقية والتى عاشت صعوبات انقسام ألمانيا إلى شطرين فكان نصيبها فى الشطر الشيوعى الدائر فى فلك الاتحاد السوفيتى على عاتقها من منظور أخلاقى وإنسانى بحت. فأرسلت مع الاتحاد الأوربى المساعدات المالية والإنسانية إلى البلاد التى تستقبل المهاجرين غير الشرعيين فى وجهتهم الأولى مثل إيطاليا واليونان وتركيا، وبسبب سياساتها الانفتاحية وربما بسبب اشتراك بلادها فى التحالف ضد داعش قد تسقط فى الانتخابات الألمانية القادمة لصالح أحزاب أقصى اليمين الرافضة لسياسة أنجيلا ميركل تجاه الهجرة وكل أجنبى خاصة المنتمين للإسلام السياسى.
الآن يذوق الغرب ما عانته مصر وبلاد الشرق من جراء صعود التيار السلفى الراديكالى الرافض للآخر ومُكفِرة للآخر، والإنذار الذى وجهه الرئيس السيسى للعالم كله محذرا من الإرهاب الدولى الذى أصبح يُستخدم كسلاح ضد دول وحكومات وسوريا هى أكبر شاهد على ذلك. لابد من تكاتف المجتمع الدولى للقضاء على التنظيمات الإرهابية التى تقف خلف هذه العمليات البشعة التى تتنافى مع الأعراف والقيم الإنسانية وتهدد استقرار المجتمعات.