تغييـر النظـام
حسام عبدالله
آخر تحديث:
الجمعة 25 فبراير 2011 - 10:58 ص
بتوقيت القاهرة
لقد سقط الرئيس حسنى مبارك وعائلته ومؤامرة التوريث، ولكن الحقيقة ان النظام لم يسقط بعد، فمجلس الوزراء ورئيسه هم نفس الذين عينهم الرئيس السابق، ويظل أغلبية قيادات النظام فى مواقعها، قانون الطوارئ لم يلغ رسميا بعد، والسلطة مازالت تنكر وجود معتقلين سياسيين تحت دعوى ان المعتقلين هم من مثيرى الشغب المعروفين، كما اننا فى الأيام الأخيرة بتنا نسمع فى الصحف عن فساد عام ينخر فى عموم السلطة فى مصر ولكن مجمل ما هو منشور لا يتجاوز من تم توقيفهم أو احالتهم إلى التقاعد، وكأنه لا توجد حالات فساد وافساد لمن هم قائمون الآن على إدارة شئون الدولة
.
هذا بالإضافة إلى ان الشعب لم يرد تغيير مادة أو مادتين فى الدستور بل إن الشعب يسعى إلى تغيير الدستور برمته أو على الأقل إنشاء جمعية تأسيسية ترعى حوارات وطنية ومجتمعية على أوسع نطاق تشترك فيها كل مكونات الامة المصرية حتى يكون دستورها الجديد هو عقد اجتماعى تراضت وتوافقت عليه كل هذه الأطراف. هذا بالاضافة إلى انه على الرغم من ان الشباب من ابناء الطبقة المتوسطة هم الذين اطلقوا شرارة هذه الثورة ولكن وقود ولحمة هذا العمل كان من فقراء الوطن الذين وعوا ان الحرية والديمقراطية هى الطريق إلى العدالة الاجتماعية، ولذا فإننى ارى ان الحملة المستمرة على هذه الفئات فى المجتمع والتى كانت المحور الرئيسى فى البيان الخامس غير موفقة وظالمة، فظاهرة عدم تثبيت العاملين ــ على سبيل المثال ــ أصبحت الاصل وليست الاستثناء حيث لا يدفع صاحب العمل تأمينات وغير ذلك من الحقوق التى يحصل عليها العامل المثبت وبذا يمكن طرد والاستغناء عن اى من العاملين وبدون سبب دون دفع اى تعويضات، وأصبح اغلب المواطنين غير آمنين ليس فقط من الشرطة وبطشها بل ايضا من الخوف على رزقهم فهل يعقل ان نطالبهم بضبط النفس دون حتى الوعد القاطع بانهاء هذه الظاهرة وبتحديد الحد الأدنى للأجور، وعليه فإن السؤال الذى يطرح نفسه هو هل يمكن تغيير النظام بأدوات النظام كما هى؟
حبيب العادلى يحاكم فى قضايا مالية ولكن التحقيق فى قضايا الشهداء ومن اصدر القرار باطلاق الرصاص الحى على المتظاهرين العزل؟ ولماذا اختفت الشرطة؟ ومن الذى قاد حملات ترويع المواطنين؟ كل هذه القضايا تبدو وكأنها ليست من الأولويات
!
انه من الخطأ الفادح اختزال الديمقراطية فى تعديل المواد الخاصة بطريقة انتخاب رئيس الجمهورية فحسب دون المساس باختصاصات هذا الرئيس والتى من شأنها ان تجعل من يتولى هذا المنصب كالحاكم بأمر الله، هذا بالإضافة إلى ان انشاء جمهورية برلمانية يعد من قبل العديد من عقول هذه الأمة أفضل الطرق لإحداث هذا التوازن وبالذات لو كان انتخاب البرلمان يتم عبر القائمة النسبية كما يحدث فى ألمانيا وإسرائيل، بما يجعل البرلمان ممثلا حقيقيا لكل أطياف المجتمع، حيث ان النظام الفردى الحالى يعمق القبلية والبلطجية ولا يستطيع اجتيازه إلا من يملك المال أو القدرة التنظيمية الفائقة والتى تؤدى فى النهاية إلى ان المنافسة تقتصر على أصحاب الأموال والأصولية الإسلامية.
هذا فضلا عن انه لا يوجد أى توازن حقيقى بين السلطات، فاستقلال القضاء فى البلاد ناقص حيث ان وزارة العدل ماتزال تملك الحق فى تعيينات وترقيات القضاة بما يخضع السلطة القضائية للسلطة التنفيذية. وأخيرا وليس آخر هو المهزلة التى نشاهدها على صفحات الجرائد القومية وجهاز التليفزيون الذين تحولوا بين ليلة وضحاها إلى مؤيدين للثورة دون عزل اى من قياداتها التى نعتت الثورة حتى الأمس القريب بكل الشتائم والسباب والاتهامات الباطلة
.
ان الديمقراطية ليست فقط عملية تصويت، ولكنها تحتاج إلى ثورة ثقافية تعد المواطن لمعرفة حقوقه وواجباته، هى تجرى بشكل معقول فقط إذا تم تعديل دور الشرطة من مؤسسة تحمى النظام إلى مؤسسة تحمى المواطن وحقوقه. هذا بالإضافة إلى ان الممارسات الديمقراطية لابد وان تتم على جميع المستويات بما فيها انتخاب المحافظين ورؤساء الأحياء وعمداء الكليات والجامعات وما شابه. ان تحقيق كثير من هذه المطالب يتأتى فقط عبر فترة انتقالية لا تقل عن سنة تتكون فيها الاحزاب السياسية وتتكون فيها النقابات المستقلة
.
إن قوى الثورة لا تملك بعد كل مقومات الاتحاد والقوة لاستلام وبناء نظام جديد، كما أن جهاز الدولة مازال متماسكا وبالذات الجيش مما يعنى أن التغيير لن يتم حالا. وعليه فان اختيارات القوى المدنية والشبابية من الاستمرار فى الضغط والعمل الثورى لتحقيق بعض من الشروط الموضحة اعلاه ولتحقيق وحدتها وفرز قيادات واضحة لها، يعد واجبا وطنيا وثوريا دونه لا يمكن الانتقال الحقيقى إلى الديمقراطية المنشودة والتى استشهد من اجلها المئات من شباب هذه الأمة. ان العملية الثورية لم تكتمل بعد وعلينا جميعا ان نستمر فى النضال من أجل تحقيق شعارات هذه الثورة من أجل التغيير ــ الحرية ــ والعدالة الاجتماعية