هزائم أحمد منصور
محمد عصمت
آخر تحديث:
الثلاثاء 25 فبراير 2014 - 4:05 ص
بتوقيت القاهرة
لم تفاجئنى سخونة الدعوات الحارة، التى يطلقها المذيع الإخوانى أحمد منصور لأعضاء الجماعة فى مصر، بقتل ضباط الشرطة واغتيال زملائه من الإعلاميين المعارضين للجماعة، ولم يدهشنى أيضا صفاقة منصور بقوله إن قتل هؤلاء الضباط والإعلاميين ليس عملا إرهابيّا بل عملا بطوليا، كل ما أثار اهتمامى هو فرار منصور نفسه من هذه المعركة المقدسة وهروبه المخزى من تبعاتها، واكتفاؤه بالفرجة على عمليات القتل وهو فى موقعه الاستراتيجى الدافئ فى الدوحة..
كنت أتصور ان اهتمامات منصور الحقيقية لا تتعدى تشذيب لحيته وحاجبيه ورفعهما بالتبادل وهو «يعصر» ضيوفه فى برامجه على قناة الجزيرة، بداع أحيانا وبدون داع فى أغلب الأحيان، سعيا وراء إثارة تليفزيونية رخيصة من أجل زيادة نسبة المشاهدة فى سوق إعلانى ــ مخابراتى لا يرحم، لكنى فوجئت أن رغباته المكبوتة فى أن يصبح زعيما سياسيا وقائدا ثوريا، خرجت عن سيطرته حينما قال على أحد الموقع الالكترونية الإسلامية منذ عدة أيام إن الحركات التى بدأت تنظم صفوفها وتنتقم من الضباط المصريين هى التى ستساعد فى إسقاط النظام وستدمر الاقتصاد وستحول دون عودة السياحة نهائيا، مبشرا أصدقاءه الإرهابيين فى القاهرة بأن عمليات قتل الضباط أجبرت الشرطة على عدم استهداف المتظاهرين خشية الانتقام منها، وجعلت بقية الضباط على يقين أن نظام مرسى سوف يعود!!
هذيان منصور لم يقف عند هذا الحد، فمن أجل عيون مرسى، يطالب مذيعنا الهمام أنصار الإخوان بتدمير البنية الاقتصادية فى مصر لدحر الانقلاب، وضرب كل من يعاون الانقلابيين، ومقاطعة منتجات من يعلن تأييده لهم، حتى تسير مصر إلى مجهول أسود، وإلى جحيم دام وإلى مجاعة بشعة، ينفذها من أطلق عليهم منصور «أمل الأمة الإسلامية وروحها ونبضها،والذين ينتظرهم العالم ليغيروا خريطة تحالفات الشرق الأوسط»، أما أكاذيب منصور فقد تجاوزت هذيانه حينما فضح المشاهدون أمره باذاعته صورا ومشاهد دموية من الحرب فى سوريا، والادعاء بانها حدثت فى مصر، فى خطأ لا يقع فيه مذيع هاو فى قناة درجة ثالثة..!!
منصور فى كل ما قاله، لا يعبر عن افكاره الخاصة فقط بل يعبر عن تفاصيل ما يجول فى رءوس قادة جماعته، فهو ليس فريد زمانه ولا وحيد عصره وأوانه، الرجل فقط أقل ذكاء من قيادات جماعة الاخوان، فعبر عن كراهيته لبنى وطنه بهذه الطريقة الفجة، التى يحلم فيها بان يعانى المصريون من مجاعة ويعيشون فى الجحيم، حتى يرجع مرسى للحكم، دون ان يعى انه بذلك يفقد احترام كل المصريين البسطاء، المفترض ان كلامه وافكاره تستهدف مصلحتهم والتخفيف من متاعبهم!
المعركة الحقيقية التى كان ينبغى ان يخوضها رجل فى شهرة منصور، هى انضمامه للدعوات المطالبة بإعادة هيكلة وزارة الداخلية، وفصل ضباط الشرطة الرافضين لتغيير اساليب عملهم القديمة ومحاكمة كل من اثبت انتهاكه لحقوق الانسان، لا التحريض على اغتيالهم بهذه الوسائل الهمجية الجبانة، لكن منصور اختار التنظيم لا الوطن، واختار مصلحة الجماعة لا مصلحة ناسه واهله، مثله مثل هذا الجيل من كوادر وقيادات جماعة الإخوان، الذى يعتبر الأسوأ منذ نشأتها وحتى الآن، على المستوى الفكرى والأخلاقى والسياسى والوطنى!