دور البرامج والأنشطة الفضائية في دعم الاستدامة الشاملة
صحافة عربية
آخر تحديث:
السبت 25 فبراير 2023 - 9:25 م
بتوقيت القاهرة
نشرت صحيفة الاتحاد الإماراتية مقالا للكاتب محمد ناصر الأحبابى، تناول فيه دور الأنشطة الفضائية الهام فى إنجاز خطة التنمية المستدامة الشاملة المعتمدة من قِبل الدول الأعضاء فى الأمم المتحدة، من هنا تبرز أهمية المحافظة على البيئة الفضائية لتحقيق الاستدامة على كوكب الأرض.. نعرض من المقال ما يلى.
أصبح تحقيق الاستدامة الشاملة ضرورة مُلحَّة، ومطلبًا بشريًّا؛ نظرًا إلى الآمال المرجوَّة منه؛ والتحديات الناجمة عنه التى تتطلَّب تحركات دوليَّة عاجلة على أكثر من صعيد؛ وفى هذا السياق تبرز أهمية البرامج والأنشطة الفضائية فى دعم مفهوم الاستدامة على كوكب الأرض، ودورها الكبير فى تحقيق استدامة البيئة الفضائية، والمحافظة عليها.
وتسهم البرامج والأنشطة الفضائية بمختلف أنواعها ــ إسهامًا مباشرًا أو غير مباشر ــ فى إنجاز خطة التنمية المستدامة المكوَّنة من 17 هدفًا، التى اعتمدتها الدول الأعضاء فى منظمة الأمم المتحدة بالإجماع فى عام 2015، وتهدف إلى تحديد اتجاه السياسات العالمية والوطنية المعنيَّة بالتنمية، وتحقيق تنمية بشرية مستدامة عامَّة بحلول عام 2030.
وتوفر الأقمار الصناعية ــ على سبيل المثال ــ صورًا فضائية، وتُجرى قياسات متخصصة تساعد على اكتشاف مصادر الثروات الطبيعية فى الأرض واستخدامها، ولا سيَّما تحديد مصادر المياه والأراضى الصالحة للزراعة ومراقبة المحاصيل؛ ما يؤدى دورًا كبيرًا فى تحقيق الهدف الأول فى خطة التنمية المستدامة (القضاء على الفقر)، والثانى (القضاء التام على الجوع).
وتتضمَّن الأنشطة الفضائية، التى تسهم فى تحقيق الهدف الثالث (الصحة الجيدة والرفاه)، تقديم أقمار الاتصالات الفضائية الرعاية الطبية من بُعد إلى بعض المرضى فى دول العالم، وابتكار تقنيات تتحوَّل بمرور الوقت تقنياتٍ طبية تُستخدَم على نطاق واسع فى مجال الرعاية الصحية.
وتربط أقمار الاتصالات الفضائية مدارس المناطق النائية بالمراكز والجامعات وشبكة الإنترنت العالمية؛ ما يعزز نقل المعرفة إلى المناطق الريفية وصولًا إلى تحقيق الهدف الرابع (التعليم الجيد)؛ فى حين أن الشغف بالفضاء يسهم فى دعم الابتكار التقنى، وإيجاد تقنيات عالية يُحوَّر كثير منها للاستخدام على الأرض وحل بعض التحديات التى تواجهها؛ وهو ما ينص عليه الهدف التاسع (الصناعة والابتكار والبنية التحتية).
وفى الهدف الثالث عشر (العمل المناخى) تسهم الأقمار الصناعية فى مراقبة الأرض على مدار الساعة؛ ما يوفّر بيانات فضائية تساعد على فَهْم الكوارث الطبيعية والتغيرات المناخية، وإيجاد حلول عملية للتحديات البيئية والمناخية.
ومن جانب آخر لا يقلُّ تحقيق استدامة البيئة الفضائية، والمحافظة عليها، أهميةً عن الاستدامة على كوكب الأرض؛ ذلك أن الاستدامة الفضائية عامل رئيس فى الوصول إلى التنمية المستدامة الشاملة؛ نظرًا إلى وجود أكثر من 5000 قمر صناعى فعَّال؛ وما تمثله الأقمار الصناعية من تحديات أبرزها المخلَّفات الفضائية (الأقمار المنتهية الصلاحية ومخلَّفات الصواريخ وغيرها)، التى تُقدَّر بنحو 35 ألف قطعة (أكبر من 10 سنتيمترات)، ونحو مليون قطعة (من 1 إلى 10 سنتيمترات)، وتهدد الاستخدام السلمى للفضاء؛ ما دفع الهيئات الدولية ذات العلاقة إلى إبرام معاهدات وتشريعات أممية لحماية البيئة الفضائية.
وقد أدركت دولة الإمارات العربية المتحدة باكرًا أهمية الاستدامة الشاملة؛ فاتخذت سلسلة من الإجراءات الرامية إلى تحقيق بيئة مستدامة، وأعلنت 2023 عامًا للاستدامة تحت شعار «اليوم للغد». كما أدركت أهمية الفضاء للتنمية المستدامة، فسعَتْ جاهدةً إلى الإسهام فى حماية البيئة الفضائية بقوانين وتشريعات مثل القانون الخاص بتنظيم قطاع الفضاء، الذى صدر فى عام 2019، ويهدف إلى خلق بيئة تشريعية وتنظيمية فى قطاع الفضاء الإماراتى تنسجم مع قوانين الدولة وأنظمتها الأخرى، وتحترم المعاهدات الدولية.
وتحرص دولة الإمارات على الاستثمار فى مجال الأنشطة الفضائية المختلفة؛ ما جعلها اليوم تملك أكبر قطاع فضائى فى المنطقة من حيث الحجم والتنوع، كما تسهم فى عقد فعاليات ومؤتمرات فضائية مثل «حوار أبوظبى للفضاء»، الأول من نوعه عالميًّا، الذى عُقد فى أبوظبى أخيرًا، ونحو ذلك من البرامج والأنشطة التى تهدف إلى تفعيل الاستفادة من الفضاء، وتسعى فى الوقت نفسه إلى حماية الثروة الطبيعية لمصلحة البشرية جمعاء.