الإعلام على مائدة السادات
سامح فوزي
آخر تحديث:
الثلاثاء 25 فبراير 2025 - 6:50 م
بتوقيت القاهرة
على مائدة مستديرة نظمتها جمعية السادات للتنمية والرعاية الاجتماعية حول الإعلام، انطلق الحديث بحرية وسط شعور من جانب المشاركين بأن الإعلام قوة ناعمة، وظهير للدولة، ينبغى أن يساندها، ويقف إلى جوارها فى وقت تتغير فيه قواعد اللعبة الدولية، وتضغط الأزمات الإقليمية، وتلح الضغوط الاقتصادية، وتقسو الشائعات، وتزداد التطلعات السياسية فى أجواء الاستعداد لانتخابات برلمانية لمجلسى الشيوخ والنواب، لكن الإعلام يحتاج إلى رؤية، وانفتاح، تتعدد فيه الآراء، وتختلف وجهات النظر ما دامت تنطلق من أرضية وطنية. وقد اتسم المشاركون بالتنوع، وهى سمة الفعاليات التى تقيمها الجمعية، حيث نجد بين رحابها نواب البرلمان، وأساتذة الجامعات، والحقوقيين، وإعلاميين، وموالاة ومعارضة، الليبرالى واليسارى والسلفى، فى مشهد متنوع يثرى الحوار، ويعمق مشاركة المجتمع المدنى فى بلورة رأى عام واعٍ، ونقاش نقدى يصب فى دعم الدولة، بالمفهوم الحقيقى للدولة، التى تمثل المصريين جميعًا، وتعزز التنمية، وتقف فى وجه التطرف والإرهاب، وتدعم مشاركة المواطنين على أرضية من التنوع، واحترام الاختلاف السياسى والفكرى.
فى عالم الفضاء الرقمى، تزداد فرص ومعاناة الإعلام، فهو يمتلك إمكانيات واسعة، ويواجه تحديات المصداقية، وسط إقبال الجمهور اللحظى على الأخبار عبر الهاتف المحمول، وقد أصبح وسيلة «تواصل» أكثر من كونه أداة اتصال. وتعد الشائعات والأخبار المفبركة فى قلب التحديات، وهناك بالفعل مخاوف حقيقية من الخطابات المنفلتة على السوشيال ميديا، التى تكذب، وتحرض، وتسحب الجمهور إلى أتون السجال الدينى، ونشر خطابات الكراهية لكن- كما نقول دائمًا- فإن داء الإعلام هو دواؤه، ومن ترياقه نهزم سمومه، فلا مجال لمواجهة الشائعات سوى نشر الحقائق، ولا سبيل للتصدى إلى إعلام مغرض إلا بتعزيز الحوار، والمصداقية، وتنوع الآراء. وقد أثبتت التجربة أن مواجهة الانفلات ليست فقط بالقانون والمواثيق المهنية والأخلاقية، لكن أيضًا بالعملة الجيدة التى تطرد العملة الرديئة، وأعنى الإعلام الواعى، الذى يقوم على الشفافية، والتنوع، والحوار النقدى.
لم يغب عن الحديث التحديات التى تواجه الإعلام من جراء «الذكاء الاصطناعى»، همّ كونى ضاغط، صار حقيقة، ولم يعد ممكنًا إلا الإفادة منه فى خلق خدمة إعلامية أكثر تقدمًا، وتطورًا، وتنافسية، وتحريرًا أفضل للمادة الصحفية، وتصحيح ما بها من أخطاء، فضلًا عن التصنيف والأرشفة والقدرة على الاستدعاء المستدام للمواد الإعلامية، لكن دون تغافل عن تحديات جمة يحملها، مثل نشر الشائعات، وتسويق الأكاذيب، وسرقة البيانات الخاصة بالناس، لا سيما الخاصة منها دون إذن أو موافقة من جانبهم، وإعادة إنتاج أشكال التحيز الكامنة فى الكم الضخم من المعلومات الذى يعتمد عليه.
خاض الحضور فى حديث شيق، تحلى بالصراحة ولم يتخلَ عن المسئولية، تناول قضايا عديدة منها مهنية الإعلام، وكيفية محو الأمية الإعلامية، ومواجهة الشائعات والأخبار المفبركة، وأهمية الإعلام المحلى، لا سيما فى ضوء جهود الدولة الواسعة فى مجال التنمية، والتى تحتاج إلى إعلام تنموى بجوارها، رغم مركزية الدولة، سياسيًا وإداريًا، والإعلام الأسرى نظرًا للتحديات التى تواجه الأسرة من تفسخ، وارتفاع معدلات الطلاق. قضايا كثيرة، وكلما فتحت قضية تجدها مرتبطة بأخرى، مثل حبات المسبحة، والكل مرتبط بخيط واحد هو بناء دولة وطنية تنموية ديمقراطية حديثة.
وقد تكون مصادفة، وهى بالتأكيد كذلك، أن تدعم منظمة «فريدريش إيبرت» هذه الفعالية، التى تواكب مرور مائة عام على رحيل مؤسسها عام 1925، الذى عزز الديمقراطية، وأولى أهمية إلى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين، وهو ما تسعى إليه الدولة المصرية فى الآونة الأخيرة، تلك الحقوق التى جمعها السياسى الألمانى الراحل بالديمقراطية، والمشاركة السياسية فى بوتقة واحدة، وهو المخاض الذى يمر به المجتمع المصرى منذ سنوات.