أسئلة مهمة أمام قمة القاهرة
عماد الدين حسين
آخر تحديث:
الثلاثاء 25 فبراير 2025 - 6:55 م
بتوقيت القاهرة
كل الأمل أن تتمكن القمة العربية الطارئة في 4 مارس المقبل بالقاهرة من إجهاض مخطط الرئيس الأمريكى دونالد ترامب واليمين الإسرائيلى المتطرف بتهجير الفلسطينيين من أرضهم فى قطاع غزة.
مصر لعبت ــ ومعها بعض الدول العربية ــ دورا بارزا فى مواجهة مقترح ترامب وأعلنت بوضوح أنها لن تقبل أو تشارك فى ظلم الفلسطينيين.
ومن المؤكد أن هناك خطة مصرية مدعومة عربيا لمواجهة خطة ترامب، تقوم على فكرة جوهرية هى أنه يمكن إعادة إعمار غزة من دون تهجير أهلها.
لكن، ما هى الأسئلة والتحديات الأساسية التى ينبغى على الخطة العربية أن تجيب عنها حتى يكتب لها النجاح؟
التحدى الأول والأساسى أن توافق الولايات المتحدة وإسرائيل على الخطة، لأن عدم الموافقة يعنى أننا ما نزال فى المربع صفر.
وكما نعلم فإن الشرط الأساسى لكل من ترامب ونتنياهو هو ألا تبقى حركة حماس وسائر حركات المقاومة فى المشهد المقبل، بل ونزع سلاحها ونفى قادتها.
غالبية الدول العربية المؤثرة توافق مبدئيا على هذا الشرط، بل إن حركة حماس نفسها أعلنت على لسان أكثر من مسئول أنها تقبل بترك الحكم المدنى، لكن السؤال الجوهرى هو: هل تقبل حماس نزع سلاحها ونفى قادتها؟
الإجابة حتى الآن هى: لا قاطعة، طبقا للعديد من قادة حماس.
ونعلم أن هناك جهدا مصريا مهما تمثل فى إقناع الفلسطينيين بتشكيل لجنة للإسناد المجتمعى من التكنوقراط تكون مهمتها إدارة غزة.
حماس وافقت عليها، لكن الرئيس الفلسطينى محمود عباس يرفض حتى الآن إصدار قرارات رئاسية بتشكيلها خوفا من أن تكون هى البديل لسلطته. تلك هى المعضلة الأولى الكبرى أمام الخطة العربية وحتى إذا قبلت حماس نزع سلاحها، فهل يذهب هذا السلاح للإدارة الجديدة التى ستحكم القطاع، أم تستولى عليه إسرائيل؟
ونعلم أيضا أن إسرائيل ترفض أى دور للسلطة الفلسطينية فى إدارة القطاع لأنها بالأساس تريد هدم أى أساس قد يقود لدولة فلسطينية متصلة حتى لو كان ذلك على الورق.
السؤال أو المعضلة الثانية الأساسية هى: من يمول خطة إعادة الإعمار بفرض ضمان الموافقة الأساسية على المعضلة الأولى وهى: من الذى سيحكم القطاع؟
التقديرات الأولية لإعادة الإعمار كانت تتحدث عن 90 مليار دولار، لكن تقديرات للأمم المتحدة نزلت بالرقم إلى 53 مليار دولار، وحتى مدة التنفيذ نزلت من 15 - 20 سنة إلى 3 – 5 سنوات.
وقد تسرب من اللقاء التشاورى الأخوى السباعى العربى فى الرياض يوم الجمعة الماضية أن الدول العربية ستؤمن عشرين مليار دولار. وبالتالى فالمطلوب هو إجابات واضحة عمن سيمول بقية الخطة، هل يساهم الاتحاد الأوروبى فى ذلك علما بأنه يواجه معضلة كبرى تتمثل فى ضغط ترامب عليه لزيادة مساهمته فى ميزانية الناتو من 2 إلى 50% من الناتج المحلى الإجمالى، وكذلك أن يتولى الجزء الأكبر من تمويل احتياجات أوكرانيا العسكرية بديلا لبلاده.
والسؤال أيضا: ألن تتحمل أمريكا وإسرائيل أى نسبة من ميزانية إعادة الإعمار باعتبار أنهما من تسببا فى كل هذه المأساة؟!
السؤال أو التحدى الثالث هو: من الذى سيتولى تأمين وحماية غزة إذا اختفت حماس من المشهد حتى لو كان المشهد المدنى فقط؟
هل ستكون هناك قوات عربية أو دولية، وكيف سيكون التفاهم بينها وبين سكان غزة، خصوصا إذا رفضت حماس والمقاومة هذه الفكرة؟
السؤال أو التحدى الرابع هو: هل يستمر التضامن والموقف العربى موحدا كما هو الآن فى رفض مقترح ترامب، أم أن الخلافات ستشتعل كالعادة بين معسكرات متنوعة، أولها واقعى يريد إنقاذ الأرض والسكان الفلسطينيين، وثانيها متطرف لا يهمه إلا رفع الشعارات العنترية وبينهما الكثير من الرؤى والافكار؟
من أخطر ما يمكن أن يواجه القضية الفلسطينية فى الفترة المقبلة هو تعميق الانقسام بين فتح وحماس، وبين المقاومة وبين عدة دول عربية، ولن يستفيد من ذلك إلا إسرائيل وأمريكا.
التحدى الخامس والأساسى: هو كيف سيتصرف العرب لو أن ترامب قال لهم لن نهجر الفلسطينيين من غزة لكن الثمن سيكون هو ضم الضفة الغربية لإسرائيل؟!
هل سيكتفى العرب بإجهاض مخطط ترامب فى غزة ليقنعوا أنفسهم بأنهم انتصروا، أم يصرون على وجود ربط واضح بين الضفة وغزة بما يقود لدولة فلسطينية مستقبلية؟
العرب لديهم أوراق كثيرة، لكن لم يستخدموا معظمها حتى الآن، فهل يفكروا فى ذلك بصورة عملية وليست انهزامية أو عنترية؟