ذئاب فى ثوب الحملان
الأب رفيق جريش
آخر تحديث:
السبت 25 أبريل 2020 - 9:35 م
بتوقيت القاهرة
بدّل بعض رجال الدين أو بعض المدعين بفهم وشرح الدين ثوبهم ولبسوا ثوب المنجمين والأطباء والسياسيين والأنبياء الكذبة ليقودوا مريديهم فى طرق معوجة بدلا من قيادة المؤمنين إلى الطريق الصحيح. فقد كشفت الأزمة الحالية «أزمة كورونا» عن بعض هؤلاء مع شديد احترامى لعموم العلماء ورجال الدين.
هناك من أفتى أن الصيام يرفع المناعة رغم تحذيرات الأطباء وهذه جريمة فهل يتحملون على ضمائرهم من سيمرض وقد يموت بسبب ضعف وإضعاف مناعته رغم تأكيد العلماء على ضرورة رفع المناعة التى تستطيع أن تقى الإنسان من أى هجوم كورونى. وهناك من أفتى أن كورونا علامة من علامات الساعة ونهاية العالم ونصّبوا أنفسهم مكان الله أن هذا سيذهب للجنة وذاك سيذهب للنار بل ذهب البعض بالقول أن كورونا هو غضب من الله على الإنسان. وطوعوا بعض النصوص الدينية لتبرير شرحهم، وغايتهم فى ذلك هو التحكم فى مريديهم بالترهيب والتخويف من الله رغم أن الله رحمن ورحيم ومحب لعباده، ولنا بعض الأمثلة القديمة من الشيوخ ورجال الدين «المودرن» الذين فعلوا ذلك واستغلوا البسطاء أو عديمى المعرفة وقادوهم فى طرق خاطئة كالعنف والتعصب والإرهاب تذكروا السبعينات وما بعدها.
وأخيرا، دخل بعض المنجمين على الخط ليقرأوا لنا الكوتشينة والودع رغم تحذيرات الكتب المقدسة منهم بأنهم «كذابون حتى لو صدقوا»، فنشروا اليأس والإحباط والتفرقة بين الناس.
منذ آلاف السنين وهناك أوبئة وزلازل وضيقات وطاعون وتسونامى وفى كل مرة يفتى البعض بأنه نهاية العالم بينما على الإنسان أن يستخلص من هذه البلايا دروسا هامة أذكر منها:
أولا، أن حفظ النفس من الضرورات فى جميع الأديان والاستعانة بالأطباء وبالمتخصصين واجب من أجل الحفاظ على النفس وعلى الغير.
ثانيا، أن حياة الإنسان ليست ملكية خاصة به منعزلة عن الآخرين بل التضامن والتواصل والعمل معهم من أجل جودة الحياة للكل.
ثالثا، أن الإنسان استغل البيئة أسوأ استغلال فتمردت عليه رغم تحذيرات العلماء ولكن السياسيين فى أغلب دول العالم أعطوا أولوية لما سموه الرخاء الاقتصادى وأنا أسميه الرخاء الاستهلاكى، لنرى اليوم المدن والقرى والمياه والبحار بعد أن تحررت ولو مؤقتا من التلوث البيئى بفضل الحظر.
رابعا، من رحمة الله علينا وكرمه أن هناك مؤسسات دينية محترمة وقيادات دينية مستنيرة إن كان الأزهر الشريف ودار الإفتاء ووزارة الأوقاف والكنيسة العالمية والمحلية. فلماذا يذهب البعض إلى الذئاب الخاطفة لابسى ثوب الحملان ليستقوا منهم الدين الصحيح والذين يعطون الرأى السديد؟.
أخيرا، نحن دولة تريد أن تنهض إلى مصاف الدول الكبرى ومصر تستحق ذلك بل فى أزمة كورونا أثبتت القيادة المصرية حكمتها وحنكتها فى إدارة الأزمة وهذه الأزمة ستستمر ولكنها تكتسب خبرة يوما بعد يوم، كما تكتسب احترام العالم أيضا يوما بعد يوم لذلك علينا أن نحافظ على هذه المكتسبات ونعمل على تنميتها فى كل المجالات.