أصوات الأكراد في الانتخابات التركية
من الفضاء الإلكتروني «مدونات»
آخر تحديث:
الثلاثاء 25 أبريل 2023 - 7:45 م
بتوقيت القاهرة
نشرت مدونة صدى التابعة لمركز كارنيجى مقالا للكاتب سلجوق أيدين، تناول فيه تخلى الأكراد عن المناورة خلف الكواليس بإعلان حزب الشعوب الديمقراطى الموالى للأكراد دعمه للمرشح الرئاسى كمال كيليجدار أوغلو ضد أردوغان، مع ذلك يواجه كيليجدار بعض العوائق التى تحول دون فوزه بمنصب رئيس تركيا القادم منها، امتناع القوميين الأتراك عن التصويت لصالحه... نعرض من المقال ما يلى.
فرض حزب العدالة والتنمية، بقيادة الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، هيمنته على السياسة التركية زهاء عقدَين من الزمن إلى حين بلوغه مرحلة من الهشاشة فى عام 2019، حين مُنى بالخسارة فى الانتخابات البلدية فى محافظتَين مهمتَين، أنقرة واسطنبول، حيث فاز حزب الشعب الجمهورى (CHP) المعارض، بدعم علنى من حزب «الجيد» (IYIP) اليمينى القومى التركى بالإضافة إلى الدعم الصامت من حزب الشعوب الديمقراطى (HDP).
من صانع ملوك صامت إلى مُقرّر مرشح المعارضة
فى الانتخابات البلدية فى عام 2019، دعم حزب الشعوب الديمقراطى ضمنا التحالف بين حزب الشعب الجمهورى وحزب «الجيد»، وبرهن عن دور أساسى فى مساعدة حزب الشعب الجمهورى على انتزاع السيطرة على المحافظتَين الرئيستين من حزب العدالة والتنمية.
فى عام 2023، تخلّى حزب الشعوب الديمقراطى عن مناوراته خلف الكواليس، وتقدّم إلى الواجهة قوّة سياسية حازمة ضد أردوغان. خلافا للانتخابات السابقة، سارع حزب الشعوب الديمقراطى إلى الإعلان على الملأ عن دعمه لترشّح كمال كيليجدار أوغلو للرئاسة. فحين قدّم كيليجدار أوغلو ترشيحه إلى تحالف الأمة، المعروف أيضا بطاولة الستة، أبدى حزب الشعب الجمهورى والأحزاب الأربعة الأخرى دعمها لهذا الترشيح، فى ما خلا ميرال أكشينار، زعيمة حزب «الجيد» التى دعمت ترشيح عمدة أنقرة منصور يافاش أو عمدة اسطنبول إكرام إمام أوغلو.
تسبب رفض أكشينار لترشيح كيليجدار أوغلو بأزمة قصيرة الأجل داخل كتلة المعارضة. فقد اعتبرت أكشينار أن يافاش وإمام أوغلو أكثر شعبية فى استطلاعات الرأى. وحُلَّت المسألة فى نهاية المطاف بعرض منصب نائب الرئيس على يافاش وإمام أوغلو على السواء فى حال انتخاب كيليجدار أوغلو. عكست هذه المعطيات الكاملة صراعا على السلطة داخل كتلة المعارضة المناهضة لأردوغان بين حزب الشعوب الديمقراطى وحزب «الجيد».
كيليجدار أوغلو يغيّر قواعد اللعبة
تسلّم كيليجدار أوغلو مقاليد حزب الشعب الجمهورى بعد استقالة السياسى المخضرم دنيز بايكال فى عام 2010. ومنذ ذلك الوقت، أحدث تبدّلا فى الحزب الذى تحوّل من جبهة قومية شديدة العلمانية تنظر باحتقار إلى المُحافظة الدينية إلى منظمة ليبرالية أكثر شمولا تضم كوادر ليبراليين.
يعتبر عدد كبير من المراقبين السياسيين أن كيليجدار أوغلو هو المهندس الأساسى لكتلة المعارضة المناهضة لأردوغان. صحيح أن قادة الكتلة يختلفون حول مجموعة من المسائل، لكنهم نجحوا فى وضع خريطة طريق سياسية.
وفى مسعى لاستقطاب أصوات المحافظين، وعد كيليجدار أوغلو بتطبيق مفهوم يُسمّى باللغة التركية hellalesme، والمقصود به الإقرار بالأخطاء التى ارتُكِبت فى الماضى وتصحيحها فى الحاضر. الجمهور المستهدَف هنا هو المحافظون فى تركيا، الذين يشكّلون العمود الفقرى لحزب العدالة والتنمية، وتشمل الأخطاء السابقة التى يشير إليها كيليجدار أوغلو الحظر الشهير الذى فُرِض على الحجاب وغيره من أشكال التمييز التى واجهها المحافظون على أيدى الحكّام السابقين المنتمين إلى حزب الشعب الجمهورى. قد ينطبق هذا المفهوم حتى على الأكراد الذين يتساءلون عما سيقدّمه كيليجدار أوغلو لهم.
العوائق أمام ترشيح كيليجدار أوغلو
كى يتمكّن كيليجدار أوغلو من إلحاق الهزيمة بأردوغان، يحتاج إلى تأييد حزب الشعوب الديمقراطى، وحزب «الجيد» والقوميين العلمانيين فى تحالف الأمة. ولكن كثرا من الروّاد فى حزب «الجيد» لا يستطيعون تقبّل انعطافة كيليجدار أوغلو نحو حزب الشعوب الديمقراطى.
يُشار إلى أن مصدر الخلاف الأساسى بين حزب الشعوب الديمقراطى والأحزاب القومية مثل حزب «الجيد» هو أن هذا الأخير يتّهم حزب الشعوب الديمقراطى بالتعاطف مع حزب العمال الكردستانى المصنَّف دوليا فى خانة المنظمات الإرهابية، والحفاظ على علاقات معه. وقد تسبّبت هذه الأوضاع أيضا بأزمة تطال شرعية حملة كيليجدار أوغلو الرئاسية فى أوساط القوميين الأتراك.
فى هذا الصدد، وجّه النائب القومى التركى البارز يافوز أغير على أوغلو، انتقادات علنية لترشيح كيليجدار أوغلو وزيارته الأخيرة إلى مقر حزب الشعوب الديمقراطى. وتعبيرا عن احتجاجه، قدّم استقالته من حزب «الجيد» حيث تبوأ سابقا منصب نائب الرئيس. هذا فضلا عن أن محرم إنجه، المرشح الرئاسى السابق لحزب الشعب الجمهورى والمرشح الحالى لحزب البلد (Memleket)، قادر على زيادة شعبيته فى أوساط القوميين العلمانيين.
إذا، العائق الأكبر أمام ترشيح كيليجدار أوغلو ليس الحصول على الدعم من حزب الشعوب الديمقراطى الموالى للأكراد الذى يُعتبَر ناخبوه أكثر تسييسا وقد رضخوا لقرار حزبهم. بل إن العائق الأكبر قد يكون القوميين الأتراك الذين يمتنعون عن الاقتراع لصالح كيليجدار أوغلو.
بمعزل عن الصعوبة المتمثلة فى إيجاد توازن بين حزب الشعوب الديمقراطى وحزب «الجيد» لدعم ترشيح كيليجدار أوغلو للرئاسة، تمكّن أردوغان تاريخيا من الحفاظ على الأصوات التى تقترع له فى المناطق ذات الأكثرية الكردية. وقد حصل، فى الدورتَين الأخيرتين للانتخابات الرئاسية فى عامَى 2014 و2018، على نسبة 40 فى المائة من الأصوات فى هذه المناطق. بينما تغيرت سياسته تجاه الأكراد بشكل كبير من عملية للسلام إلى سياسات موجهة أمنيا. علاوة على ذلك، لدى أردوغان علاقة تآزرية قوية مع تحالف الشعب، بما فى ذلك حزب الحركة القومية التركى (MHP)، وحزب الدعوة الحرة (HUDAPAR) الكردى المحافظ.
النص الأصلى