دور حاسم للمرشد الأعلى فى الانتخابات الإيرانية
العالم يفكر
آخر تحديث:
السبت 25 مايو 2013 - 2:19 م
بتوقيت القاهرة
اعداد / أيمن أبو العلا
كتب محمد الحسين عبدالمنعم الباحث بالمركز الإقليمى للدراسات الإستراتيجية بالقاهرة، عرضًا لمقال محسن ميلان أستاذ العلوم السياسية بجامعة ميلانو الذى نشر مؤخرًا فى الفورين أفيرز تحت عنوان «خطة آية الله: كيف يمنع حركة خضراء جديدة». ويعد هذا المقال انعكاسًا لأهمية اقتراب الانتخابات الرئاسية الإيرانية حيث سيكون لتلك الانتخابات تداعيات مباشرة على قضايا تؤرق جميع الأطراف الإقليمية والدولية كالقضية السورية والمشروع النووى الإيرانى وأمن الخليج.
ويشرح هذا المقال الخطط التى قد يستخدمها على خامنئى ليضمن سيطرته على رئيس الجمهورية الجديد. حيث توقع استبعاد النساء الـ 30 اللاتى نوين الترشح وكذلك الأمر بالنسبة لكل من هاشمى رافسنجانى واسنفنديار رحيم مشائى كبير مستشارى الرئيس الحالى أحمدى نجاد، وهو بالفعل ما حدث حيث تم استبعاد هؤلاء من قبل مجلس صيانة الدستور فى إيران.
•••
وفقًا للكاتب فإن المرشد الإيرانى سوف يسعى جاهدًا لمنع تكرار كابوس انتخابات 2009 حيث انطلقت مظاهرات كبيرة سميت بـ «الحركة الخضراء» نسبة للأعلام الخضراء التى اتخذها المتظاهرون شعارًا لهم. وكان السبب وراء ظهور تلك الحركة هو شبهات التزوير التى طالت خامنئى اتهمته بتزوير الانتخابات لصالح نجاد فى مقابل موسوى المنتمى للتيار الإصلاحى.
المرشد الأعلى اتخذ احتياطاته هذه المرة فنجد حملة دعائية واسعة اليوم فى إيران يقودها الحرس الثورى وتهدف إلى إجهاض أى محاولة للاحتجاج فى الشوارع وذلك عن طريق ربط الاحتجاجات بـ«الخطط الشيطانية الأمريكية» والتى تهدف إلى زعزعة النظام الدينى فى إيران. ويأتى هذا فى إطار أصبح للحرس الثورى فيه سلطات أكبر وأوسع من ذى قبل فى إيقاف الناشطين والمدونين وإغلاق المواقع الإلكترونية والصحف المناهضة للنظام.
ومن ناحية أخرى، نجد حرص خامنئى على رفع نسبة التصويت فى الانتخابات المقبلة وذلك لرغبته فى إضفاء نوع من الشرعية الانتخابية على الجمهورية الإسلامية. إلا أن هناك قلقا كبيرا فى النظام الإيرانى من تدنى نسبة المشاركة فى انتخابات هذا العام، وذلك نتيجة لانتخابات 2009 والتى جعلت الإيرانيين يشعرون بعدم جدوى أو أهمية أصواتهم. ولتجنب عزوف الناخبين عن الإدلاء بأصواتهم، قرر النظام الإيرانى أن تجرى الانتخابات الرئاسية فى نفس وقت إجراء الانتخابات المحلية فى القرى والمدن، وهى الانتخابات التى يتنافس فيها مئات الآلاف من الإيرانيين، الأمر الذى سينعكس بالإيجاب على نسبة المشاركة فى الانتخابات الرئاسية.
•••
لم يغفل عرض عبدالمنعم للمقال خطة خامنئى لإقصاء المرشحين المعارضين لسياسته أو الذين لا يدينون له بالولاء. فيشرح الباحث تبنى خامنئى عددا من التكتيكات والإستراتيجيات لتنفيذ مخططه. بداية الآلية الإعلامية واتباعها من رجال الدين وعلى رأسهم آية الله أحمد خاتمى، يستخدم المرشد تلك الآلية فى تشويه سمعة من لا يرغب فى وجودهم. بالفعل استخدم خامنئى هذه الوسيلة فى مواجهة الرئيس الأسبق محمد خاتمى الذى كان قد أعرب عن نيته فى الترشح فى انتخابات هذا العام إلا أن الضغط الإعلامى عليه الذى اتهمه باتخاذ إجراءات وقرارات فى فترة حكمه اضعفت الجمهورية الإسلامية اتهمه كذلك بدعم الحركة الخضراء المتهمة بتنفيذ مخططات أمريكية، كل ذلك أجبره فى النهاية على التراجع عن ترشحه.
الآلية الثانية التى يعتمد عليها خامنئى فى مواجهة المرشحين غير المرغوب فيهم هى «مجلس صيانة الدستور» وهو المجلس الذى استبعد مؤخرًا مشائى ورافسنجانى. يجب الإشارة هنا إلى أن المرشد الأعلى يختار نصف أعضاء هذا المجلس المكون من 12 عضوًا.
•••
أما عن تبعات نجاح مخطط خامنئى فى إيصال شخصية من اختياره إلى كرسى الرئاسة الإيرانى فهى تنقسم إلى نوعين، تبعات داخلية وأخرى خارجية. بالنسبة للتبعات الداخلية فسيكون فى مقدمتها زيادة حدة التوترات الموجودة بين الدولة والمجتمع المدنى النشط الذى يطالب بمزيد من الحريات والإصلاحات السياسية، استمرار البرنامج النووى الإيرانى وفقًا لرؤية خامنئى. بالإضافة إلى نقطة أخرى فى غاية الأهمية وهى أن وصول رئيس موال لخامنئى من شأنه أن يعطى هذا الأخير نفوذا غير مباشر فى انتخابات رئاسة مجلس الخبراء التى ستتم فى 2014، وهذا الجهاز هو المسئول عن اختيار خليفة خامنئى على كرسى المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية كما أن من سلطاته عزل المرشد إذا قصر فى أداء واجباته. وبالنسبة للتبعات الخارجية فسيكون أهمها الاستمرار فى دعم نظام بشار الأسد والاستمرار على نفس المنهج فى التعامل مع العالم الغربى.
أما بالنسبة للوجه الآخر من العملة وهو فشل مخطط خامنئى وعدم استطاعته إيصال مرشح موال له إلى كرسى الرئاسة الإيرانية فقد يسهم هذا الأمر فى إزالة الانقسام بين النخب الإيرانية مما قد يسفر عن انفراجة فى الأزمة الإيرانية مع الغرب.
وفى الختام نجد أنه مهما كانت نتائج الانتخابات المقبلة فى إيران وأيًا كان توجه الرئيس الإيرانى الجديد فسيتوجب عليه التعاون مع على خامنئى المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية.