فى المرض.. الثقافة قبل الطاعة
ليلى إبراهيم شلبي
آخر تحديث:
الجمعة 25 مايو 2018 - 9:05 م
بتوقيت القاهرة
«المطلوب من المريض أن يكون مثقفا لا مطيعا» استوقفتنى تلك الجملة للأستاذ الدكتور رشاد برسوم أحد رواد طب الكلى فى مصر حين قرأتها فى حديث له نشر هذا الأسبوع راقنى التصريح، فالواقعة أن هذا هو تحديدا ما يدفعنى دائما للكتابة فى مجال الصحة والتغذية.
أن يحرص الإنسان على قدر أساس من المعرفة الطبية والغذائية بلا شك يعينه على أن ينتهج نمطا صحيا يلائم حياته ويتناسب مع ظروفه سواء كان يعانى من مشكلة صحية أو مرض مزمن أو يتمتع بتمام الصحة وكمال العافية.. إذا ما كان مريضا بمرض مزمن فإن الإلمام بسبب المرض وتداعياته أمر يتيح له التعامل معه بصورة تسمح بأن يحيق به الضرر فى أضيق الحدود، بل أيضا يضمن له أن يتجنب المضاعفات لأطول فترة ممكنة. فعلى سبيل المثال لا يصيب مرض السكر من النوع الثانى الإنسان فجأة بل حينما يكتشف الإنسان مرضا فإنه قد يكون قد مضت عليه دون مبالغة عشر سنوات يعانى من خلل ما فى مستوى السكر فى الدم وهو لا يدرى فيما يطلق عليه «مرحلة ما قبل السكر» بمثابة مرحلة رمادية إذا ما تم تشخيص الخلل فيها فقد تضمن تراجع المرض، أما المؤكد فإنه على الأقل سنتمكن من محاصرته فلا تظهر إلا متأخرا، وبالتالى نضمن توارى مضاعفاته الخطيرة التى قد تصل أحيانا إلى العمى أو بتر الأطراف.
المعرفة الطبية أمر فى الواقع بالغ الأهمية ينعكس دائما فى الحوار الدائم بين الطبيب ومريضه ليس من الواجب أن يطبع المريض أوامر ونصائح الطبيب دون فهم للسبب الحقيقى للمريض وكيفية الوقاية منه وطرق التعامل معه. فهم كنه المرض وطريقة تطوره لا يقل أهمية عن المواظبة على العلاج والالتزام به ولكنْ هل هناك بعض من الوقت المتاح يمكن أن يطالب به المريض طبيبه ليعينه على فهم مشكلته الطبية وتداعياتها وما يحيط بها من ملابسات قد تضمن له أن يعبر مضايق كثيرة يسببها جهل الإنسان بحقيقة ما يحدث فى مختلف أعضائه عند المرض وحتى عند تلقى العلاج. الواقع أن الغالبية العظمى من الأطباء والجراحين لا يعلقون أى أهمية على معلومات المريض وإن كانوا بالفعل يتمتعون بكفاءة عالية سواء فى العلاج الباطنى والجراحى.
تظل المشكلة معلقة بعنق صاحبها: المريض عليه إذن أن يبحث عن مصادر آمنة لمعلوماته الطبية، أطالع كثيرا العديد من الكتابات التى يختلط فيها الإعلان بالإعلام. وكلما زادت مساحة الإعلان فى الإعلام زاد الخطر على السليم والمريض معا. مازلت أذكر دائما رسالة وصلتنى من سيدة محترمة ذات مركز مرموق تسألنى عن صحة علاج كل الأمراض من خلال لاصقة على الأصبع الكبير فى القدم تمتصها جميعا فيصبح الإنسان سليما معافى بينما يتحول لون اللاصقة إلى الأسود بدلا من الشفاف، فى إشارة إلى أنها امتصت كل الشر من دم الإنسان.
قد يكون فى هذا مثل صارخ لأن هناك أمثلة كثيرة عديدة تعلن عن وجود السم فى العسل.. إعلانات فى صورة مخفية براقة عن أدوية وعلاجات تبدو للإنسان العادى مقنعة، بينما هى فى الواقع تتنافى وأبسط قواعد العلم والصحة.
تحية واجبة للدكتور رشاد برسوم حكيم الكلى الذى أكد اليوم أن طاعة المريض لطبيبه يجب أن تلزم الطبيب بمساهمة فاعلة فى تثقيف المريض طبيا حتى تبدو الطاعة مطلوبة ومبررة بعد الفهم.