الديمقراطية المزيفة
عمرو خفاجى
آخر تحديث:
الأربعاء 25 يونيو 2014 - 5:45 ص
بتوقيت القاهرة
أسوأ ما يمكن أن يحدث لمجتمع أن يعمل فى إطار من ديمقراطية، أو ما يعتقد أنه الديمقراطية فى حين ما يجرى من حوله عكس ذلك تماما، وهناك فارق ضخم ما بين تسيير أمور الحياة وجوانبها المختلفة وفقا لآليات ديمقراطية بمفهومها الشامل، وبين الحفاظ على الشكلانية الديمقراطية التى تحفظ ماء وجه الأنظمة، واعتقد أننا فى مصر عشنا طويلا فى مراحل متنوعة من أزهى عصور الديمقراطية المزيفة، وأعتقد أننا لسنا فى حاجة لشرح ما انتهت إليه هذه الديمقراطية المزيفة، وبالتالى علينا أن نواجه أنفسنا بموقفنا الديمقراطى العام، وموقفنا من الديمقراطية ومدى لياقتنا السياسية والمجتمعية فى تحقيق هذا المطلب الغائب منذ عصور، وكان الهدف العام من الموجات الثورية المتعاقبة التى شهدتها مصر خلال السنوات الماضية.
الاعتراف بغياب الديمقراطية، بداية حقيقية لفهم حقيقتنا، مأزقنا السياسى، خاصة أن قطاعا مثل الإسلام السياسى يقاوم الفكرة الديمقراطية بشكل عقيدى، حتى موافقته المؤقتة عليها قبل عزل مرسى كفر بها، وأعلن عن ذلك صراحة، فلا يبقى أمامنا إلا نقف مجددا عند ضرورة فهم الآلية التى تمكننا من الوصول إلى تداول السلطة بشكل سلمى، وأن تكون هذه الديمقراطية أكبر من كونها آلية، وحاملة لكل قيمها من حرية وشفافية، وقادرة على ضبط الحياة السياسية والقدرة على بناء نموذج تنموى يؤدى لرفاهية المصريين وتحسين أحوالهم المعيشية، فلم تكن الديمقراطية الحقيقية يوما ما، صناديق انتخاب أو انتقاد رئيس دولة، أو حتى تداول سلطة، بل تعمل فى تحقيق مصالح أى شعب بما يحلم به ويتمناه.
الخوف الحقيقى علينا، الارتكان لتلك الديمقراطية المزيفة، وكأننا حققنا المنشود، دون أن نعمل ونجاهد من أجل الوصول للديمقراطية التى تحقق النمو الاقتصادى الذى ينتشر الغالبية من فقر تزداد نسبته يوما بعض آخر، ديمقراطية تؤسس لمستقبل يحقق سلام اجتماعيا صادق لا نحظى بأى قدر منه الآن، وربما يجب أن يكون ذلك أحد أهم الأهداف التى نعمل من أجلها، فلا يمكن الاستمرار فى أى مشروع ديمقراطى دون أن يهدف للسلام الاجتماعى، ولا يعنى ذلك أبدا أن عبء المهمة يقع على من يتولى مقاليد الأمور فى البلاد، أو القوى السياسية التى تجاوره فى المشهد، بل هو أيضا مسئولية من هم خارج المشهد ويرفضونه، فلا يعنى إحساسهم بظلم ما أو اضطهاد أو هزيمة، إنهم لم يتسببوا فى سوداوية المشهد وفرض الديمقراطية الزائفة، وبالتالى عليهم المساهمة والمشاركة فى تحطيم المشهد والانتقال بنا جميعا إلى مشهد أكثر رحمة ورحابة، بنا جميعا أيضا، بشرط أن يؤمن الجميع أننا نسعى للديمقراطية الحقيقية ولا نستغفلها ولا نستغفل أنفسنا.