دور المجتمع المدني في حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي
من الفضاء الإلكتروني «مدونات»
آخر تحديث:
الأحد 25 يونيو 2023 - 6:50 م
بتوقيت القاهرة
نشر مركز كارنيجى مقالا للكاتب ناثان براون، يقول فيه إنه لا يلوح فى الأفق أى حل سياسى لإنهاء الصراع الإسرائيلى الفلسطينى، وأن أى طريق نحو الحل لم يعد يقتصر الآن على المفاوضات بين القادة، بل يجب أن يشمل منظمات المجتمع المدنى والحركات الاجتماعية المختلفة. لذا يجب على قادة الجانبين العمل لضمان أن تكون المساحات المدنية فى المنطقة وفى الولايات المتحدة حرة ومفتوحة، إذ يمكن للفضاء المدنى أن يحشد وينظم ويؤثر فى عملية صنع القرار بما يخدم المصالح ويحمى الحقوق، ذاكرا فى نهاية المقال بعض التوصيات لتقوية دور منظمات المجتمع المدنى... نعرض من المقال ما يلى:
بداية، تحول الصراع الإسرائيلى الفلسطينى إلى صراع مستعصٍ، وأصبحت المعارك الحقيقية الآن بين أطراف اجتماعية واقتصادية وسياسية مختلفة ــ سواء فى المنطقة أو على الصعيد الدولى ــ حول شكل الدولة الواحدة التى ستسيطر على كل إسرائيل/فلسطين.
لابد من إدراك أن أى طريق نحو مستقبل أكثر عدلا للجانبين الإسرائيلى والفلسطينى لم يعد يعتمد فقط على الدبلوماسية بين القادة السياسيين، بل يجب أن يشمل محادثات وحوار بين طاقات وأفكار منظمات المجتمع المدنى والحركات الاجتماعية والنشطاء الذين يمثلون مجموعة من الاهتمامات ووجهات النظر. يجب على هذه المجموعات أيضًا التعامل مع بعضها البعض، كما هو الحال فى أى دولة ديمقراطية، بدلا من الاستقطاب. باختصار، الفضاء المدنى هو سوق الأفكار حيث يمكن للأطراف المتباينة أن تنظم وتدافع وتؤثر فى القرارات لإنصاف مظالمها من أجل مستقبل أفضل.
• • •
مرة أخرى، الصراع العربى الإسرائيلى بين دولة إسرائيل اليهودية والدول العربية المجاورة تطور فى السنوات الأخيرة، وبينما أصبح هناك دور للدبلوماسية بين تل أبيب ومعظم الدول العربية، ماتت الدبلوماسية داخل الأراضى التى تسيطر عليها إسرائيل، فمهما كانت الجهود الدبلوماسية التى يتم بذلها، سنجدها تركز على الحفاظ على الهدوء قصير المدى، مثل المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحماس فى غزة ومحاولات الحفاظ على التنسيق الأمنى الإسرائيلى الفلسطينى فى الضفة الغربية.
الآن، دخل النضال مرحلة جديدة، بمعنى أنه يدور حول أجزاء متفرقة من الأراضى التى تسيطر عليها دولة واحدة، وهى إسرائيل، والأخيرة لديها القدرة على فرض الشروط والترتيبات السياسية والتسهيلات التى يجب أن تقدمها إحدى المجموعات إلى الأخرى. هذه المنطقة لا تشمل فقط غزة والضفة الغربية بل تضم مجموعة واسعة من الجهات الفاعلة فى المجتمع المدنى.
صحيح فشلت عمليات التفاوض السابقة بين القادة من الجانبين، لكن فى حال استئنافها فى مرحلة ما، يجب الترحيب بالجهات الفاعلة الجديدة على طاولة المفاوضات ووضع الأفكار الجديدة على جدول الأعمال. وبالتزامن مع ذلك، يجب أن تستمر الجهود لجعل الحياة مقبولة للشعبين الإسرائيلى والفلسطينى وتجنب ترسيخ الظروف الظالمة والقمعية بشكل أعمق.
بالإضافة إلى ذلك، فإن شعبى إسرائيل وفلسطين لا يعملان بمفردهما. إذ فى الولايات المتحدة على وجه الخصوص، نشأت الخلافات العامة حول الصراع الإسرائيلى الفلسطينى سواء فى حرم الجامعات وفى قاعات الكونجرس، أو فى أجزاء من الأجهزة البيروقراطية، مثل وزارة التعليم.
ردا على ذلك، شكلت الأطر القانونية والسلطات فى الولايات المتحدة وأوروبا ملامح المناقشات السياسية بما فى ذلك من يمكنه المشاركة وما هى الأفكار المسموح بها. وبالفعل، يشارك بعض الأفراد الإسرائيليين والفلسطينيين غير المواطنين المقيمين فى إسرائيل والأراضى المحتلة، جنبا إلى جنب مع مواطنات ومواطنين أمريكيين فى هذه المناقشات من خلال استخدام الأدوات القانونية لمراقبة أو استبعاد أو تهميش الأطراف التى يتم تصنيف آرائها وأنشطتها على أنها تمييزية أو حتى مرتبطة بالإرهاب.
فى الولايات المتحدة مثلا، تعمل الجهات الحكومية والخاصة معًا لوضع شروط المناقشة المسموح بها فى أماكن العمل والفصول الدراسية وقاعات مجالس الإدارة والساحات العامة، مما يؤثر بالتبعية فى السياسة الخارجية الأمريكية تجاه إسرائيل/فلسطين.
• • •
هناك مجموعة من التوصيات لجعل المجتمع المدنى فى إسرائيل/فلسطين يؤثر على طبيعة الاحتلال ويساعد على التوصل إلى حل دائم من خلال التفاوض.
بادئ ذى بدء، نادرًا ما يتفق الجانبان الفلسطينى والإسرائيلى فيما بينهما، نتيجة عدم توازن القوة، هذا الاختلال فى التوازن يجعل العديد من القادة الدبلوماسيين ذوى الخبرة يشعرون بأن الحل التفاوضى مستحيل. لذا، التركيز على الأصوات الفلسطينية أمر ضرورى وحاسم لتأسيس حجر الأساس للمستقبل الديمقراطى لكل من الشعبين المتصارعين. تكمن المسألة فى السماح لمن يرغبون فى التنظيم والدعوة من خلال القنوات السلمية بالقيام بذلك وإنشاء قنوات سلمية لمن لا يملكونها.
وبالتالى، الحل ليس فى تطوير خطة سلام شاملة، بل فى مجموعة من الإرشادات لصناع السياسات الذين يرغبون فى مستقبل أكثر سلامًا وعدلا، والطرف المستهدف هنا هو الجماهير أو الجهات الفاعلة العامة والخاصة التى تعمل فى الفضاء المدنى أو تنظمه. كما يُعتبر القادة السياسيون الإسرائيليون والفلسطينيون من الجماهير أيضًا، لأن الخيارات التى يتخذونها اليوم ستؤثر على الجهات الفاعلة فى المستقبل وما يمكنهم القيام به.
وهناك مجموعة من الإرشادات، صحيح لن تحل النزاع، لكن جميعها ستترك الأطراف المشاركة فى وضع أفضل عندما يعود وقت المفاوضات والدبلوماسية، نذكر منها:
أولا: ضرورة سماح إسرائيل والسلطة الفلسطينية للمجتمع المدنى الفلسطينى بالظهور والعمل بحرية، وإلا يتعرضان
للمساءلة إذا لم يسمحا بذلك.
ثانيا: يحتاج نشطاء حقوق الإنسان إلى اهتمام خاص، أو بالأحرى، يجب استبدال القمع الذى تلقوه بالحماية والمشاركة.
ثالثا: التركيز على محاولات تقييد وسائل الإعلام والمناقشات الأكاديمية من انتقاد إسرائيل على أساس أن هذا شكل من أشكال معاداة السامية أو الإرهاب أو التمييز، خاصة فى الولايات المتحدة. كما أن هناك شكاوى حول بعض أشكال المناصرة الفلسطينيةــ خاصة حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS). وفى الحقيقة، تأييد أو معارضة هذه الممارسات ليست هدفا فى حد ذاته ولكن لابد من فهم ما إذا كان لها تأثير فى تقليل المساحة المدنية واستبعاد الجماعات أو الأفراد المسالمين بناء على تفضيلاتهم السياسية فقط.
رابعا: تقييم تأثير مجموعة كبيرة من التشريعات وإجراءات التقاضى على عمل منظمات المجتمع المدنى.
أخيرا: عدم اقتراح قيود على مناصرة الحقوق، والتى تعد جزءًا شرعيًا من أى عملية سياسية ديمقراطية، بغرض عدم استهداف واستبعاد المجموعات المعارضة.
ترجمة وتحرير: ياسمين عبداللطيف زرد
النص الأصلى