ليبيا وإثيوبيا.. تهديد حدود وتهديد وجود
محمد سعد عبدالحفيظ
آخر تحديث:
السبت 25 يوليه 2020 - 9:05 م
بتوقيت القاهرة
رغم إعلان وزارة الخارجية المصرية أن قمة هيئة مكتب الاتحاد الإفريقى التى عقدت الثلاثاء الماضى حول سد النهضة، قد أكدت على ضرورة التوصل إلى اتفاق قانونى ملزم حول ملء وتشغيل السد، يتضمن آلية قانونية ملزمة لفض النزاعات يحق لأى من أطراف الاتفاق اللجوء إليها لحل أى خلافات قد تنشأ مستقبلا حول تفسير أو تنفيذ الاتفاق، إلا أن وزارة الخارجية الإثيوبية أعلنت أول أمس الجمعة أنها لا تريد اتفاقا نهائيا وإنما «اتفاقا يمكننا مراجعته كلما دعت الحاجة» بحسب نص كلام السفير دينا مفتى المتحدث باسم الوزارة الإثيوبية.
عقب القمة الإفريقية المشار إليها بعث رئيس الوزراء الإثيوبى آبى أحمد برسالة إلى شعبه عبر وكالة الأنباء الإثيوبية الرسمية «إينا»، يهنئه فيها بـ«انتهاء المرحلة الأولى من ملء خزان السد، وبالإنجاز الذى يوضح قدرة الإثيوبيين على تكرار الإنجاز فى مهام وطنية أخرى».
وأكد آبى لشعبه أن العام الأول لملء السد سيمكّن من توليد الطاقة من توربينين، وأنه إذا بذلت أقصى الجهود فى العامين القادمين، فمن المتوقع أن يولد السد الطاقة بكامل قدرته.
وعبر رئيس الوزراء الإثيوبى عن سعادته بتحقيق بلاده ما اعتبره «حلما»، وقال «إنه وقت صوّتنا لمن يحاولون أن يكسروا عنقنا.. قلنا إنه لا يمكن لأحد أن يصيب سدنا من دون قتال.. لا أحد يستطيع إيذاءنا عندما نمضى قدما فى بناء السد».
وبالتزامن مع رسالة آبى أحمد المستفزة عن نجاح اكتمال ملء المرحلة الأولى من بحيرة السد النهضة، خرج وزير خارجيته جيدو أندارجاشو، بتصريحات أكثر استفزازا قال فيها: «تهانينا.. سابقا كان النيل يتدفق، والآن أصبح فى بحيرة، ومنها ستحصل إثيوبيا على تنميتها المنشودة.. فى الحقيقة.. النيل لنا».
حققت إثيوبيا حلمها ووصلت إلى هدفها، وضربت عرض الحائط بالمفاوضات التى تجريها مع مصر والسودان، لم تعبء بالتأثيرات التى سيتسبب فيها ملء السد على دول المصب، ومع ذلك لا يزال المفاوض المصرى يصر على استكمال التفاوض بالرغم من إدراكه أن الجانب الإثيوبى سيستمر فى المراوغة والخداع حتى يبدأ المرحلة الثانية من عملية الملء.
كنا ننتظر من المسئولين المصريين بعد التصريحات الإثيوبية الرسمية عن انتهاء المرحلة الأولى من ملء السد أن يقر بفشل المفاوضات التى تجرى تحت مظلة الاتحاد الإفريقى الذى أثبتت الأيام أنه ليس وسيطا محايدا، وأن تعلن مصر انسحابها من تلك المفاوضات العبثية التى لا طائل منها، وتكمل طريقها فى مجلس الأمن وأن تمارس ضغوطها الدبلوماسية على الدول التى تدعم أديس بابا فى بناء السد.
كما كنا ننتظر من مجلس النواب المصرى الذى وافق على إرسال عناصر من القوات المسلحة فى مهام قتالية خارج حدود الدولة للدفاع عن الأمن القومى المصرى فى الاتجاه الاستراتيجى الغربى ضد أعمال الميليشيات المسلحة والعناصر الإرهابية الأجنبية، أن يعيد النظر فى كل الاتفاقيات والمفاوضات التى أجريت مع الجانب الإثيوبى خلال السنوات الماضية، وأن يناقش بدائل أخرى تسخدمها مصر فى حال استمر الإثيوبيون فى تعنتهم.
إذا كان التدخل التركى وانتشار المرتزقة والميليشيات الإرهابية يشكل تهديدا للأمن القومى المصرى ولحدودنا الغربية، فإن استكمال إثيوبيا ملء سد النهضة دون النظر إلى ما ستلحقه عملية الملء من أضرار بالجانب المصرى، هو تهديد وجود، فتعطيش مصر وتبوير أراضيها خط أحمر يفوق فى خطورته التهديدات التى تنتظرنا فى الغرب.