رمضان البهجة
غادة عبد العال
آخر تحديث:
الخميس 25 أغسطس 2011 - 8:27 ص
بتوقيت القاهرة
أنتظر رمضان من العام للعام لأقتنص لحظات قليلة من بهجة غائبة.. فعلى الرغم من العقاب السنوى المعتاد الناتج عن ظلم الإنسان لأخيه الإنسان المتسبب فى وقوفى فى المطبخ لأجاهد الحر والرطوبة وعبق الطبيخ وإغراءات القطايف والكنافة بينما رجال البيت مأنتخين أمام التليفزيون أو فى سابع نومة داخل الحجرات المكيفة، إلا أن بهجة رمضان لا تلبث أن تنسينى كل هذا العناء لتغمر النفس بموجة من الزأططة تستمر من سحور أول أيام الشهر الكريم وحتى إفطار آخر أيامه، يهل هلال رمضان فأشترى لنفسى فانوسا جديدا كل عام (مش فانوس قوى يعنى، ميدالية على شكل فانوس مثلا)، أشترى فرعا من الزينة الورقية أو الكهربائية وأعلقه على سور بلكونتى (بعد منتصف الليل طبعا لأن المتعارف عليه إن ده شغل عيال)، أذهب فى رحلة الحج السنوى للسوبر ماركت لشراء احتياجات رمضان (غالبا باروح أتفرج ع الناس وأبقى جزء من الجو فقط لا غير)، تجتاحنى موجة من السعادة وأنا أرى المساجد الممتلئة بالمصلين رجالا ونساء.
المصاحف المفتوحة فى عربات المترو وفى أحضان الأتوبيسات تنعش بداخلى أملا أن نطبق يوما ما نقرأ، «كل سنة وانت طيب» تطير لتحلق عالية وتحيط البلد بأكملها بغلالة من الحب والتسامح والتضامن وأعمال الخير، السنة دى كان شعور مختلف، كان فيه خوف جوايا وجوه ناس كتير إن رمضان السنة دى ممكن يفقد بهجته، استمرار التظاهر والشد والجذب واتهامات التخوين بين الكيانات السياسية المختلفة، الفوضى اللى لسه ضيفة تقيلة على الكتير من شوارع البلد.
البلطجية اللى أصبحوا أبطال كوابيس الكتير من المصريين، الخوف من مجاعة هتحصل نتيجة لعجلة الإنتاج اللى اتخرمت وما حدش لاقيلها بنطة لحام، رعب إن العيش ما يكفيش، ذعر إن السولار يختفى، ترقب مشوب بالحذر بيراقب أسعار اللحمة والخضار، تواجد دائم للهم المحيط بالحاضر والقلق المحيط بالمستقبل كان ممكن يضيع منا حلاوة شهر من السنة للسنة بنستناه، لكن الحمدلله اللى حصل غير كده، وأثبت المصريين تانى إنهم هذا الشعب العبقرى، اللى لما بيضحك بيفرمل نفسه ويقول خير اللهم اجعله خير، ولما بيحزن بيجبر نفسه على الابتسام عشان الحزن ما يغرقوش، شعب عارف مقادير طبخة الحياة بالملى، لا ملح يزيد ولا سكر يقل.
عشان كده فى رمضان ده تمسك بالفرحة بشدة وبإصرار، الزينة زينت سما الشوارع، الفوانيس بددت الضلمة اللى بيحتمى بيها طيور الظلام، أعمال الخير تضاعفت وتضاعفت، حتى التشاحن السياسى كان دافعا أكبر للأعمال الخيرية لدرجة إن فيه منافذ لجمعيات وأحزاب سياسية لعمل الخير فى كل منطقة من مناطق البلد، الابتسامة منورة الوشوش، والأمل مالى القلوب، والعيون عين ع المصحف وعين بتتابع سير محاكمات إحتمالية حدوثها كان مجرد ضرب من الخيال، خطوة لازم تخلى الكل يتفاءل بإننا بلد يقترب من السير على الطريق الصحيح، اللى له حق هياخد حقه، واللى ليه مظلمة أكيد هتترد، والكل مسئول، والكل محاسب، وما فيش حد فوق القانون، سبب تانى للبهجة نتلقاه شاكرين فى رمضان الثورة اللى رغم كل الصعاب جالنا وهو شايل الخير والبهجة لكل الناس.