حزب التحرير

أحمد الصاوى
أحمد الصاوى

آخر تحديث: الأحد 25 سبتمبر 2011 - 9:00 ص بتوقيت القاهرة

الذين يعرفون السياسى والوزير الأسبق منصور حسن، يدركون على الأقل حياده حين يتحدث عن الشأن العام، وحين يطرح رؤيته مستندا إلى رصيد كبير من الخبرات قضاها فى محاولة تأسيس نموذج ديمقراطى أواخر السبعينيات انتهى كما تعرف إلى «لا شىء» بفعل الممارسات السلطوية.

 

لكننى أستدعى اليوم قوله من آخر إطلالاته إن ثورة 25 يناير كان لابد أن يخرج من رحمها حزب شعبى، على غرار الوفد «القديم» الذى خرج من رحم ثورة 1919، وأن ذلك ربما يكون جزءا من خطأ الثوار الرئيسى.

 

والحقيقة أننى لم أكن مؤيدا لهذا الطرح، قبل أن أستشعر أن الوقت مر والثورة تخطفتها أياد كثيرة، وانتهت إلى نجاح واسع فى احتوائها فى إطار مجرد «حركة تصحيح» مع تفتيت الكتل الأساسية التى صنعتها، وتمزيق قواها وتفريقها شيعا وقبائل وائتلافات، وفى النهاية تم غمر القوى الأساسية للثورة بموجات كاسحة من قوى الادعاء حتى بات يخيل لك أن كل المصريين بمن فيهم أعضاء الحزب الوطنى ورجال الدولة كانوا يبيتون فى التحرير طوال الـ18 يوما، وأنه ربما كان مبارك وحده هو الوحيد الذى كان ضد الثورة.

 

واليوم تصب نتائج هذه الثورة وبوضوح فى مصلحة أعدائها، سواء أولئك الباقون من النظام الساقط، أو حتى المعارضة الشكلية التى منحت مبارك غطاءها وتحفظت على المشاركة فى الثورة من بدايتها بل وكانت تصفق لمبارك وهو يفتتح برلمانه المزور ويقول كلمته الشهيرة «خليهم يتسلوا»، أو حتى أولئك الذين يسعون لخصخصة كل شىء وتوزيعه فى صفقات انتخابية محددة بأعداد المقاعد والمراكز فى القوائم الانتخابية.

 

كنت أعتقد أن حالة ميدان التحرير قادرة على بناء تيار مصرى رئيسى جديد، متفق على ثوابت وطنية خارج الإطار الحزبى، ومستفيد من تنوع الميدان خلال الأيام الأولى للثورة، لكن كل ذلك انتهى وصارت استعادة حالة الميدان أمرا مستحيلا بسبب طغيان «الوصاية المستجدة» ونجاح سياسة الاستقطابات، والأهم إغراق اسم الثورة بمزيد من الكيانات الوهمية، والتاريخ المزيف.

 

لكن اليوم بينما يتم تقسيم مقاعد برلمان قادم، والتفاهم لإنتاج رئيس جديد، يحفظ توازنات المجتمع سياسيا بذات النسق الذى بناه مبارك، وتجهيز حكومة ربما يكون «رأسها مصنوعا فى أمن الدولة وعليه ختم هذا الجهاز المنحل»، تبدو بالفعل الحاجة ملحة لحزب شعبى حقيقى يتحدث باسم هذه الثورة ويحفظ مشروعها، ويحافظ عليه من محاولات إفراغه من مضمونه.

 

لكن هل فات الأوان على ذلك.. وكل شىء جرى تقسيمه وتوزيعه، وكل هذا الصراع فى النهاية يجرى على المغانم السريعة دون رؤية حقيقية «لبناء وطن جديد» خال من أمراض مبارك وفيروساته المستوطنة فى غالبية من يتصدرون المشهد؟

 

ربما لن يستطيع حزب كذلك التنافس القريب، لكن ليكون حزب معارضة رئيسيا، يحمل مشروع الثورة وبرنامجها، ويستعيد حالة الميدان، ويتصدى لكل انحراف تجريه السلطة المؤقتة أو حتى المنتخبة بتوافق الصفقات السرية عن أهداف الثورة.

 

هذه الثورة تحتاج لحزب لا يحتكرها لكنه يكون أمينا على أهدافها، ومقاوما تجاوزها، كما كان «الوفد القديم» أمينا على القضية الوطنية وليس محتكرا لجهود مقاومة الاحتلال، لكن هذا الحزب لابد أن يكون متنوعا فى داخله كما ميدان التحرير فى أوجه، وأن يضم الجيل الذى لم يلوثه مبارك بالعطايا ولا بالصمت ولا بأختام أمن الدولة..!       

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved