الأسئلة الحائرة فى «صفقة القرن»
محمد عصمت
آخر تحديث:
الإثنين 25 سبتمبر 2017 - 9:30 م
بتوقيت القاهرة
حتى الآن، لا يزال الغموض يحيط بما أطلق عليه الرئيس عبدالفتاح السيسى «صفقة القرن» خلال مؤتمره الصحفى مع نظيره الأمريكى دونالد ترامب فى واشنطن فى إبريل الماضى. كل ما نستطيع استنتاجه حول هذه الصفقة وأهدافها يأتينا من ردود أفعال خارجية تنشرها مصادر فلسطينية وإسرائيلية وغربية، ولا شىء على الإطلاق يأتى من القاهرة الرسمية!.
لقاء الرئيس السيسى مع رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو على هامش زيارته للأمم المتحدة الأسبوع الماضى، ثم مطالبته الشعب الإسرائيلى بالوقوف خلف نتنياهو، والذى تواكب مع ترتيبات فى البيت الفلسطينى تبنتها القاهرة أسفرت عن مصالحة بين حماس والسلطة الفلسطينية، قد توحى بأن هناك تحركات ما تجرى خلف الكواليس، للشروع فى اتخاذ خطوات ملموسة لتنفيذ أولى بنود هذه الصفقة.ومع ذلك فإن الرئيس لم يفصح بعد عن التساؤلات التى تثار حولها سواء تلك التى تتعلق بـ«تبادل أراضٍ»، أو حتى مصير هضبة الجولان المحتلة!.
كل ما يمكن الإمساك به فى هذه الصفقة جاء من إسرائيل، حيث قال المحلل العسكرى الصهيونى أمير أورن إن هذه الصفقة التى يتبناها ترامب تتضمن مشاركة مصر والسعودية والسلطة الفلسطينية مع إسرائيل فى حل الصراع بالمنطقة، على أن يشمل ذلك تبادل اراضي اقليمي، واستغلال طموح ولى العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان والساعى لخلافة أبيه فى حكم المملكة، وكذلك رغبته الجامحة فى مواجهة التغلغل الإيرانى، لكى يلعب دورًا فى هذه الصفقة مقابل الحصول على مساعدات أمريكية لتحقيق أحلامه وأهدافه.
هذه الرؤى التى طرحها أمير أورن والذى قال إنه حصل عليها من تسريبات من الحكومة الإسرائيلية، تتوافق تمامًا مع رؤى إسرائيلية قديمة أعدها أساتذة جغرافيا سياسية ومراكز بحوث إسرائيلية، وحازت على قبول النخبة الحاكمة فى الكيان الصهيونى، تتضمن بقاء مساحات كبيرة من الضفة الغربية تحت السيادة الإسرائيلية وتقديم إغراءات كبيرة للفلسطينيين لمغادرتها، إلى دولة فلسطينية تقام فى غزة مع ضم جزء من أراضى سيناء إليها تتنازل عنه مصر، مقابل تعويضها عن جزء آخر من الأراضى فى صحراء النقب، ومبالغ مالية ضخمة تصل فى بعض التقديرات إلى 150 مليار دولار، مع إمدادها بتكنولوجيا متقدمة لتحلية مياه البحر لكى تواجه أزمة المياه خاصة بعد بناء سد النهضة، فى نفس الوقت الذى يجرى فيه تطبيع العلاقات مع جميع الدول العربية، وفتح الحدود بينهما، على أن يترك للمفاوضات بحث وضع هضبة الجولان، وإقامة دولة كونفدرالية بين الفلسطينيين والأردن مع إعطاء هذه الدولة قطعة أرض من صحراء النقب أيضًا.
نحن لا نعرف هل صفقة القرن جزء من هذه التصور الإسرائيلى لإعادة رسم حدود دول المنطقة أم لا؟ ثم ما هى قوتنا التفاوضية للحصول على أكبر مكاسب عربية فى هذه الصفقة؟ وما هو مصير العراق وسوريا واليمن التى تواجه اضطرابات داخلية مسلحة؟ وكيف ستكون العلاقات بين السعودية وإيران؟ وكيف ستواجه أنظمة الحكم العربية معارضى هذه الصفقة؟ هل بمزيد من القمع أم ستأخذ رأيهم فى الاعتبار؟
مثل هذه الأسئلة وغيرها ربما تكون إجاباتها غائبة الآن عن الرأى العام فى الدول العربية، بل إن النظم العربية لا تطرح من الأساس هذه الأسئلة على شعوبها، وهو وضع شائك لأنه قد يضع المنطقة فى مواجهة المجهول، خاصة إذا رفضت الشعوب العربية هذه الصفقة الغامضة!.