سد النهضة.. الخنجر المسموم فى ظهر المصريين!
محمد عصمت
آخر تحديث:
الإثنين 25 أكتوبر 2021 - 7:20 م
بتوقيت القاهرة
بدون أن يطلق رصاصة واحدة.. يستطيع رئيس الوزراء الإثيوبى آبى أحمد، بطل جرائم الحرب الوحشية التى ترتكبها قوات جيشه ضد المدنيين من أبناء شعبه فى إقليم تيجراى، أن يحيل حياة المصريين إلى قطعة من الجحيم، بمجرد أن يقررغلق بوابات سد النهضة فى فترات الجفاف والجفاف الممتد!
طبقا لمنظمة العفو الدولية، تعرضت مئات النساء فى تيجراى إلى الاغتصاب الجماعى أمام عائلاتهن، فى حين تعرضت أخريات إلى العبودية الجنسية من جنود آبى أحمد ومن جنود الجيش الإريترى الذى تحالف معه فى حربه ضد أبناء بلده، فى حين أعلنت الأمم المتحدة أن 400 ألف إثيوبى يعانون من المجاعات، ويقف 1،8 مليون آخرين على أعتابها جراء هذه الحرب، فى نفس الوقت الذى يواصل الطيران الإثيوبى قصف المدنيين فى الإقليم، حيث لقى 50 تيجراويا مصرعهم فى إحدى الاسواق، وتم تصوير هذه المذبحة من أحد الناجين من هذا القصف ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعى، كما وثقت جهات أممية أخرى حوادث قتل ارتكبها جنود آبى أحمد ضد مدنيين فى الإقليم وإلقاء جثثهم من فوق الجبال.
قائمة الجرائم تطول، كان آخرها أمس الأول حينما قصف الطيران الإثيوبى مستشفى ومصنعا فى الإقليم، كما تؤكد جبهة تحرير تيجراى، دون أن تبدو فى الأفق ــ حتى الآن ــ بوادرحقيقية لوقف هذه الحرب، خاصة مع «هشاشة» الضغوط الدبلوماسية والاقتصادية التى تمارسها الدول الغربية على نظام آبى أحمد، ورغم أن الدستور الإثيوبى نفسه يعطى للأقاليم الإثيوبية حق تقرير المصير والانفصال عن الدولة.
والسؤال الذى ينبغى أن يشغلنا فى مصر، حكومة وشعبا، هل رجل مثل آبى أحمد بكل هذه «المواصفات الدموية» يمكن أن نثق به خلال المفاوضات المرتقبة حول سد النهضة؟ وما الجديد الذى يمكن أن يدفعه ليكف عن المراوغة والمماطلة والتلاعب بنا كما فعل هو ومن سبقه من القادة الإثيوبيين، ليوقع خلال سقف زمنى معقول اتفاقا ملزما لتشغيل السد، كما طالب الوزير سامح شكرى مؤخرا؟ وما الذى يمنعه من تنفيذه لتهديداته المبطنة حتى الآن بإنقاص حصتنا من مياه النيل؟ وهل تهتز شعرة فى رأس الرجل إذا ما تعرضنا للمجاعة والارتفاعات الفلكية فى أسعار الغذاء بعد بوار ملايين الأفدنة لعدم توافر المياه؟ وهل هناك ما يمنعه لاستخدام سلاح المياه لابتزازنا لصالح جهات أخرى على رأسها إسرائيل؟
على الدبلوماسية المصرية أن تفهم بوضوح أن الرهان على توقيع اتفاق ملزم مع قادة إثيوبيا هو كالحرث فى البحر، فهذا أمر لن يحدث أبدا، فالهدف من بناء سد بهذا الحجم وهذه السعة ــ والتى للأسف وافقنا عليهما بدون حتى الحصول على أى ضمانات من إثيوبيا باحترامها لحقوقنا التاريخية فى النيل ــ هو إحكام السيطرة على مصر، وإنهاء دورها الحضارى والريادى الذى مارسته منذ فجر التاريخ فى الإقليم.
ما نحتاجه الآن وفورا هو فتح حوار شعبى وسياسى واسع حول أخطار السد، والخيارات المتاحة أمامنا لمواجهتها، قبل أن يداهمنا الوقت ويصبح السد كالخنجر المسموم فى ظهورنا وظهور كل أجيالنا القادمة..