الانتهاكات الجنسية وكسر الصمت


رضوى أسامة

آخر تحديث: الخميس 25 نوفمبر 2010 - 10:17 ص بتوقيت القاهرة

 انتابنى شعور شديد بالانزعاج عندما قرأت عن واقعة الانتهاك الجنسى التى حدثت لتلميذ بإحدى مدارس مصر الجديدة، والذى استدرجه ثلاثة من زملائه وقاموا باغتصابه وتصويره بالموبايل، وانزعجت أكثر من سلوك ناظر المدرسة الذى مسح الفيديو وعاقب الأربعة طلاب.

لكن الموضوع أثار داخلى أهمية الحديث عن التربية الجنسية مرة أخرى، وحماية أبنائنا من خطر الانتهاكات الجنسية.سبق وتحدثت منذ عام عن التربية الجنسية، لكنى سأتناوله من منظور مختلف هذه المرة.

منذ عام تقريبا سألتنى إحدى الأمهات عن كيفية فتح الحديث عن ذلك الموضوع مع طفلها البالغ من العمر عشر سنوات، وحدثتنى عن مخاوفها من أن الحديث عن الانتهاكات الجنسية يفتح عينيه عن أشياء لا يعرفها أصلا. لكنى طمأنتها أن أبناءنا من هذا الجيل لديهم وعى مبكر بالعديد من الموضوعات الجنسية، ويعرفون أشياء كثيرة ولا يعرضونها على الأهل خوفا من العقاب.

وشرحت لها أننا يجب أن يكون لدينا خطة كاملة للحديث عن الانتهاكات الجنسية التى من الممكن أن يتعرضون لها، وذلك فى أعمار مبكرة من حياتهم، ويمكننا أن نستخدم فى ذلك العديد من الأدوات المساعدة.

هناك مثلا فيلم كارتون يصلح للأعمار المبكرة يتحدث عن الانتهاكات الجنسية وهو من أفضل ما شاهدته فى هذا الموضوع، ويسهل الحصول عليه وتحميله من خلال الإنترنت مجانا وهو بعنوان «مهم جدا» ومن إعداد المركز المصرى لحقوق المرأة، وهو فيلم كارتون يعرض للأطفال كيفية حماية أنفسهم من التحرشات الجنسية.

وأعتقد أنه من المهم جدا أن يشاهده الطفل مع وجود مناقشة حوله مع الأم أو الأب وفتح موضوعات مختلفة حول الجنس على حسب المرحلة العمرية التى يمر بها الطفل. أقترح أن يشاهده الأهل وحدهم فى البداية ومن خلاله يضعون خطة للمناقشة مع الطفل.
أظن أن الموضوع الآن أصبح خطرا واقعيا وقائما بالفعل وليس حادثة عن طريق المصادفة.. التحرشات بالأطفال حدث يحدث يوميا ولا نلتفت له. ربما ما أثار موضوع التحرش بتلميذ مصر الجديدة أنه أبلغ مدير المدرسة بالواقعة، وتلقى عقابا منه، فالنجم الإعلامى فى هذا الموضوع ليس حادثة التحرش بقدر ما هو رد فعل مدير المدرسة.

وهناك عدد من التكنيكات والمفاتيح التى يمكن استخدامها للحديث مع الأبناء حول هذا الموضوع ومن بينها استخدام خمسة محاور رئيسية هى (أعرف ــ أخبر ــ أرفض ــ أهرب ــ أستشير) وسأتحدث عنها بالتفصيل.

يجب أن يعرف الطفل فى البداية الكثير عن الانتهاكات الجنسية المعرض لها، فيمكن مثلا لطفل فى العاشرة أن يعرف عن الانتهاكات الجنسية ويمكننا أن نستغل هذا الحدث المنشور فى الجرائد ونتحدث مع الطفل حوله، وفى اعتقادى أنه لو هناك علاقة قائمة بالفعل بينك وبين الطفل سيحكى لك عن قصص سمعها وداخل دائرته لأطفال ربما تعرضوا لذلك. معرفة الطفل بأن هذا الخطر موجود وتعليمه مهارات التعامل معه يشعره بالاطمئنان بأنه قادر على مواجهة ذلك وحده.

يجب أن يطمأن الطفل أيضا أن هناك شخصا ما سيخبره إذا تعرض لمثل هذا الانتهاك أو لمجرد وجود الاقتراح فقط، وأن هذا الشخص آمن جدا ولن يعرضه للعقاب، وبعد هذا الحادث أقترح أن يكون هذا الشخص هو أنت وليس مدير المدرسة أو أى من الدائرة القريبة من الطفل فى بيئة المدرسة.

كما يجب أن يتعلم الطفل مهارات الرفض، مثل كيفية رفض دعوات للذهاب إلى مكان لا يطمأن إليه أو دعوة شخص لا يعرفه جيدا، كما يجب أن يتعلم الطفل مهارة رفض ما لا يحب، ويمارسها معنا أولا، يجب أن يشعر أنه حر فى رفض الأشياء التى لا يريدها وأنه ليست هناك أى سلطة تمنع حصوله على حقوقه، وهذا مهم جدا.

كما لابد من مناقشة كيفية الهروب من مواقف تورط فيها بالفعل ويمكن أن تؤذيه، ونضع هنا مع الطفل خططا تعينه على الهروب، وكلما كانت هذه الخطط واقعية كلما كانت أفضل. ويجب أيضا أن يعرف الطفل فى حالة حدوث الانتهاك أن هناك أشخاصا يمكننا استشارتهم، وأقصد بذلك الإخصائيين النفسيين والأطباء، أظن أن الطالب الذى تعرض إلى الانتهاك بحاجة شديدة الآن للعرض على أخصائى نفسى لمساعدته على تجاوز هذه الأزمة التى تعرض لها.


أظن أننا يجب أن نكسر دائرة الصمت حول مثل هذه الموضوعات، وألا نشعر بالحرج فى الحديث عنها مع أبنائنا لأن الخطر الآن واقعى ويزحف بشدة نحونا.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved