الوحدة وهمية فى سوريا

ديفيد إجناشيوس
ديفيد إجناشيوس

آخر تحديث: الأحد 25 نوفمبر 2012 - 8:20 ص بتوقيت القاهرة

اتخذت المعارضة السورية فى الشهر الحالى، خطوة واسعة إلى الأمام، عبر تشكيل تحالف سياسى واسع النطاق يشمل الناشطين المحليين الذين بدأوا الثورة. ولكن القيادة العسكرية للمعارضة ما تزال مرتبكة، وسوف يواصل المتطرفون الجهاديون اكتساب المزيد من القوة، حتى ينصلح حال المعارضة.

 

وكما كتبت بعد رحلتى داخل سوريا فى أوائل اكتوبر، يعتبر إيجاد هيكل قوى للقيادة والتحكم أمرا حاسما فى خلق قوة معارضة يمكن أن تنجز مهمتين أساسيتين: هزيمة الرئيس بشار الأسد، والحفاظ على الاستقرار فى سوريا بعد سقوطه. وكانت الولايات المتحدة تشجع المتمردين على تشكيل «مجالس عسكرية» للأقاليم من أجل تحقيق تنسيق أفضل. غير أن قوات التمرد واصلت الانشقاق فى الأسابيع الأخيرة.

 

●●●

 

وعندما تحدثت إلى بعض نشطاء الجيش السورى الحر؛ سمعت أمثلة عن الفوضى التى نجمت عن تجاوز إطار المجلس العسكرى. وقال الرائد محمد على واللواء ماهر النعيمى، وهما من قادة المتمردين فى حماة، يُقال إنهما يتلقيان تمويلا مباشرا من دول الخليج. وقد احتج تقرير ورد إلى وزارة الخارجية الشهر الماضى بشأن التمويل المحير، من أن «على والنعيمى مازالا يقومان بالوساطة بين جميع الأطراف، ويعملان خارج إطار المجالس العسكرية».

 

 وهناك مثال آخر؛ هو الشيخ عدنان محمد عرور، وهو رجل دين متطرف من حماة يتلقى تمويلا من المملكة العربية السعودية، وغالبا ما يظهر على شاشات التليفزيون العربية. ويقال إنه دمر التنسيق بين المجالس العسكرية فى شمال سوريا. وحثت الولايات المتحدة السعوديين على قطع الدعم عن عرور، لكن نشطاء يقولون أن أتباعه ما زالوا أقوياء على أرض الواقع.

 

وتمثل كتيبة فاروق وأصلها من حمص، وتسيطر على المعابر الشمالية الرئيسية إلى سوريا، مثالا ثالثا، يستشهد به المتمردون، على الارتباك. ويُقال إن هذه المجموعة تحظى بدعم قوى وخاصة من تركيا التى تسمح لها بالعمل خارج الهيكل المجلس العسكرى. ويقال إن هذه المجموعة، تحظى بدعم قوى من تركيا، يتيح لها العمل خارج إطار المجلس العسكرى.

 

ولعل أخطر ما فى الأمر، استمرار نمو «جبهة النصرة» المتطرفة، وهى جماعة على علاقة بالقاعدة، تتلقى تمويلا من شخصيات ثرية بالخليج. ومن الأمثلة على الدور الطائفى التدميرى الذى تقوم به «جبهة النصرة»، ما يتردد عن أن مقاتليها هاجموا المتمردين الأكراد مؤخرا فى رأس العين، فى شمال شرقى سوريا. كما يتزايد أيضا تأثير الجماعة المتطرفة، لأن مقاتليها، التواقين للشهادة، هم الأشرس.

 

●●●

 

ويحذر النشطاء السوريون من أن الفوضى، سوف تستمر حتى تجمع الحكومات المختلفة التى تدعم المعارضة أموالها فى قناة واحدة، وتتولى توزيعها عبر مجالس المحافظات. ومؤخرا، حذر ناشط سورى مسئول أمريكى، قائلا: «توقفوا عن مطالبتنا بالتوحد، حتى توحدوا أنفسكم».

 

وتخطط الولايات المتحدة مضاعفة جهودها للعمل مع أنصار رئيسيين للمعارضة ــ مثل المملكة العربية السعودية وقطر وتركيا وفرنسا ــ لبناء هيكل أقوى للقيادة. وقد أشاد مسئولون أمريكيون تحديدا بجهود العديد من قادة المجلس العسكرى الذين حاولوا تعزيز الوحدة، مثل العقيد عبدالجبار عقديدى فى حلب، والعقيد عفيف سليمان فى إدلب والجنرال زياد الفهد والعقيد خالد الهبص فى دمشق.

 

ومن الأدوار الرئيسية لهذه المجالس؛ توسيع المعارضة خارج جذورها الجهادية السنية. فعلى سبيل المثال، يُقال إن العقيدى اجتمع مرتين مؤخرا مع أسقف مسيحى فى مدينة حلب السورية لطمأنة المسيحيين أنهم سيكونون آمنين إذا فازت المعارضة، ونقل عن الأسقف بعد ذلك قوله: «إذا كان هذا هو المستقبل، يمكننا العمل معه».

 

●●●

 

وقد شكلت المعارضة السياسية جبهة موحدة، فى الشهر الحالى، إثر اجتماع فى الدوحة ــ قطر ــ أنشأ مجموعة جديدة سميت رسميا «الائتلاف الوطنى لقوى الثورة والمعارضة السورية». ومنذ ذلك الحين، اعترف بالائتلاف كل من فرنسا وبريطانيا وتركيا، ومجلس التعاون الخليجى، والاتحاد الأوروبى. وقد جاءت الوحدة السياسية، عقب ضغط هيلارى كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية، على القوى الإقليمية، التى كانت تدعم جماعات مختلفة، كانت بينها نزاعات دائمة.

 

ولسوء الحظ، لم تشارك قيادة المجلس العسكرى للتمرد فى اجتماع الدوحة. وكان القادة العسكريون، مثل عقيدى يعتقدون أن الدعوة ستوجه إليهم، غير أنها لم تصلهم أبدا. وقد زاد ذلك من ضعف المعنويات.

 

 وتتفق الولايات المتحدة ومصادر سورية على أن إقامة وحدة عسكرية، سوف يتطلب من وكالة المخابرات المركزية أن تدفع هيئات الاستخبارات الصديقة إلى تجميع التمويل وغيره من أشكال الدعم وراء قيادة موحدة. ويأمل مسئولون أمريكيون أن يتحقق ذلك خلال الشهر المقبل، لكن زعماء المتمردين يتخوفون من أن يكون هذا متأخرا للغاية.

 

●●●

 

وأخيرا، تعتبر إقامة هيكل عسكرى غير متطرف، أمرا ضروريا، لأنه يمكن أن يوفر المسار الذى يؤدى إلى تسوية نهائية توقف الحرب الأهلية الطائفية، تماما. وما لم يحدث ذلك، سوف يكون هذا قتالا حتى الموت بين حمقى الأسد، والجهاديين المتطرفين ــ وتتحطم سوريا البائسة فى هذه العملية.

 

2012، جماعة كتاب الواشنطن بوست.
كل الحقوق محفوظة. النشر بإذن خاص.

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved