الرأي العام الأمريكي.. والاتجاه نحو تأييد الشعب الفلسطيني
صحافة عربية
آخر تحديث:
السبت 25 نوفمبر 2023 - 8:45 م
بتوقيت القاهرة
نشرت صحيفة الاتحاد الإماراتية مقالا لرئيس المعهد العربى الأمريكى، جيمس زغبى، تحدث فيه عن القيود المخيفة المفروضة على حرية التعبير إذا ما تعلق الأمر بانتقاد العملية الإسرائيلية العسكرية تجاه قطاع غزة، على وقع هجوم حماس أوائل الشهر الماضى... نعرض من المقال ما يلى:
تشير العديد من الأحداث التى وقعت فى الأسابيع القليلة الماضية إلى واقعنا المخيف. فعندما يتعلق الأمر بحرية التعبير حول الأحداث بين إسرائيل وفلسطين، فإننا على أرض محفوفة بالمخاطر.
من الواضح أن الرأى العام قد تحول فى اتجاه أكثر تأييدا للشعب الفلسطينى، وخاصة بين الأمة الأمريكية ــ الشباب والملونين، وحتى الآن، تم تسجيل هذه الحقيقة بشكل رئيس فى بيانات الاقتراع. ولكن مع الأسابيع الستة الماضية من الهجوم الإسرائيلى الوحشى على غزة، كان هناك تدفق من البيانات الداعمة للحقوق الفلسطينية والمعارضة للحرب الإسرائيلية التى لا هوادة فيها ضد الشعب الفلسطينى.
كان من المتوقع أن يتم مواجهة الدعم المؤيد للشعب الفلسطينى من قبل الجماعات الداعمة لإسرائيل. لكن ضراوة الهجمات المضادة المؤيدة لإسرائيل كانت مثيرة للقلق. فقد دعت منظمة يهودية أمريكية كبرى تزعم أنها تدافع عن الحقوق المدنية الجامعات إلى حظر «طلاب من أجل العدالة فى فلسطين» (وهى منظمة ناشطة للطلاب الجامعيين مؤيدة للفلسطينيين فى الولايات المتحدة وكندا ونيوزيلندا)، ووصفتها بأنها معادية للسامية. وفى خطوة غير عادية، دعت حكومة الولايات المتحدة إلى التحقيق فيما إذا كان من الممكن اتهام الطلاب بـ «تقديم الدعم المادى للإرهاب». وفى حين أن بعض الطلاب لم يتوخوا الحذر فى اختيار الكلمات للتعبير عن دعمهم للفلسطينيين، إلا أنه لا يوجد ما يدعم التهمة الخطيرة المتمثلة فى الإرهاب. وقد استجابت بعض الجامعات بحظر «طلاب من أجل العدالة فى فلسطين»، إلى جانب منظمة «الصوت اليهودى من أجل السلام»، وهى منظمة وطنية تضم الشباب اليهود الأمريكيين التقدميين الداعمين لحقوق الفلسطينيين. وعلى الرغم من عضويتها اليهودية، تم وصف هذه المنظمة أيضا بأنها معادية للسامية من قبل نفس المدافعين عن إسرائيل.
قبل أسبوع تقريبا، أرسل رئيس الحزب «الديمقراطى» فى إحدى ولايات الغرب الأوسط بيانا صحفيا، يدين فيه مسئولى منظمة «حزب الديمقراطيين الشباب» (وهى أكبر منظمة حزبية سياسية يقودها الشباب) فى أحد أبنية الجامعات بالولاية، وانتهى البيان بنص أصرت الجماعات المؤيدة لإسرائيل على أنه بيان مثير للجدل، إذ بدلا من أن يقولوا «من النهر إلى البحر، فلسطين ستصبح حرة»، كتبوا «ليكن كل فلسطينى حرا، من النهر إلى البحر».
وعلى الرغم من الجهود التى بذلها الطلاب، اتهمهم رئيس الحزب فى الولاية باستخدام لغة معادية للسامية، وجعل الطلاب اليهود يشعرون بعدم الأمان فى الحرم الجامعى، ودعم الإبادة الجماعية ضد الشعب اليهودى، ودعاهم إلى الاستقالة من مناصبهم المنتخبة فى المجموعة الديمقراطية. ولتبرير هذا الرد القاسى، استشهد الرئيس بتعريف العبارة الأصلية، الذى قدمته مجموعة مؤيدة لإسرائيل.
وفى الأسبوع قبل الماضى، أصدرت «جمعية التضامن لأمريكا الوسطى بولاية ماريلاند (كازا) » وهى منظمة مجتمعية محترمة فى ولاية ماريلاند تدافع عن المهاجرين وتقدم الخدمات لهم، بيانا لدعم الشعب الفلسطينى. وأدانت الجمعية ما قامت به حركة حماس يوم 7 أكتوبر، وأدانت أيضا حملة القصف الإسرائيلية التى أودت بحياة آلاف الفلسطينيين والفلسطينيات. وورد فى بيان «كازا» أنهم باعتبارهم أشخاصا ملونين، فإنهم يتعاطفون مع النضال من أجل العدالة والحرية لأن «النضال الفلسطينى يعكس انتصارنا».
وقد قوبل تضامن جمعية «كازا» برسالة من مجموعة من المشرعين والمسئولين المنتخبين فى ولاية ماريلاند يطالبون الجمعية بإلغاء بيانها، واصفين إياه بأنه «معاد للسامية». وباعتبارهم مشرعى الولاية الذين يقررون ميزانية الولاية، فقد ذكروا بشكل أكثر وضوحا: «قد يكون هذا هو الوقت المناسب لإعادة تقييم آلية الولاية لتقديم المساعدات المالية والدعم لمجتمع المهاجرين لدينا». ونظرا لأن الآلاف من المهاجرات والمهاجرين يعتمدون على جمعية «كازا» للحصول على الخدمات المهمة والمناصرة، فقد شعروا بأنهم مضطرون للاعتذار وإلغاء البيان. ولم يتراجع المشرعون بعد عن تهديدهم بوقف تمويل الجمعية.
وأخيرا، فإن مقالة افتتاحية نشرت فى صحيفة «نيويورك ديلى نيوز»، الأسبوع الماضى دعت إلى إعادة تأسيس «رابطة الدفاع اليهودية» سيئة السمعة، وهى خطوة تثير القلق والغضب. وبدلا من ذلك، فقد تم تمريرها دون تعليق من المسئولين المنتخبين الذين يشعرون بالقلق إزاء انتشار الكراهية. وأشاد كاتب المقال، وهو فاعل خير بارز فى نيويورك، بمؤسس «رابطة الدفاع اليهودية» «مئير كاهانا» وأشاد بفضائل الرابطة، مدعيا أنها تمثل اليهود الأقوياء، وتعد ردا حازما على تعاملات تستهدف سلامتهم. وتجاهل الكاتب الحقائق المتمثلة فى أن الرابطة كانت لعقود من الزمن مدرجة فى قائمة مكتب التحقيقات الفيدرالى للإرهاب، وكانت مرتكبا رئيسا للعنف الإرهابى خلال السبعينيات والثمانينيات، وتم حظرها فى إسرائيل باعتبارها جماعة عنصرية أنتجت أمثال الشخص الذى ذبح المصلين المسلمين فى المسجد الإبراهيمى فى الخليل، والشخص الذى اغتال رئيس الوزراء إسحاق رابين. إن قيام إحدى الصحف الأمريكية الكبرى بنشر مثل هذا المقال دون تعليق هو أمر يشير إلى مدى خطورة الوضع.