اللائحة التنفيذية لقانون الجمعيات.. ميسرة أم معيقة للعمل الأهلى؟
رانية فهمى
آخر تحديث:
الثلاثاء 26 يناير 2021 - 8:35 م
بتوقيت القاهرة
استبشرت خيرا عند صدور القانون رقم 143 لسنة 2019 لتنظيم ممارسة العمل الأهلى فى أغسطس 2019 إذ تفادى أهم المعوقات أمام العمل الأهلى التى شابت القانون رقم 70 لسنة 2017، وذلك بالرغم من تحفظى على بعض مواد القانون الجديد. وتطلعت أن ترسم لنا ــ نحن المهتمين والممارسين للعمل الأهلى ــ اللائحة التنفيذية للقانون خارطة طريق تيسر الإجراءات الإدارية والمالية لتشجيع العمل فى كيانات لا تهدف للربح ويواجه الجادون منها تحديات كبيرة فى الوقت الراهن. إلا أن قراءتى لمواد اللائحة التنفيذية، التى صدرت فى 11 يناير 2021، تركت لدى تساؤلات عدة عما إذا كانت اللائحة بالفعل تؤدى هذه المهمة المرجوة. وفى هذا المقال سوف أُبدى بعض التعليقات على بعض المواد التى تتناول النواحى المنظمة للمسائل الإدارية.
النواحى الإدارية.. المدد الطويلة لمنح الموافقات
حددت اللائحة مددا مختلفة لمنح موافقة الوحدة المركزية للجمعيات والعمل الأهلى التابعة لوزارة التضامن الاجتماعى، وهى وحدة مستحدثة وفقا للقانون 143 والجهة الإدارية المختصة بالعمل الأهلى. وأود أن أركز على هذه المدد فى ست مسائل مهمة هى: 1 ــ إطلاق أو تنفيذ الأشخاص الطبيعية أو الاعتبارية المصرية أو كليهما معا مبادرة أو حملة لنشاط معين من أنشطة العمل الأهلى المصرح للجمعيات (مادة 22)، 2. الانضمام أو الانتساب أو المشاركة أو التعاون مع جمعية أو هيئة أو منظمة محلية (مادة 31)، 3. قبول وتلقى الأموال العينية من أشخاص طبيعية أو اعتبارية مصرية أو أجنبية من خارج البلاد، أو من أشخاص طبيعية أو اعتبارية أجنبية من داخل البلاد (مادة 47)، 4. جمع التبرعات (مادة 56)، 5. دمج مؤسسة فى أخرى (مادة 106)، و6. استعانة كيانات المجتمع المدنى بالأجانب فى صورة خبراء أو عاملين دائمين أو مؤقتين أو متطوعين (مادة 113).
***
بعد مراجعة مواد القانون لمعرفة النص فى تلك المسائل الست تبين لى أن القانون لم يحدد مددا للموافقة على أى منها إذ ترك تحديدها للائحة وبالتالى فالأخيرة لها القول الفصل فى تحديدها. وقد حددت اللائحة المدة بأنها خلال ستين يوم عمل (أى نحو ثلاثة أشهر كاملة) فى حالة الموافقات الخاصة بالمبادرات وقبول وتلقى الأموال العينية ودمج مؤسسة أهلية بأخرى، وخلال ستين يوما ميلاديا (أى شهرين إذ ورد فقط أنها ستين يوما وليس ستين يوم عمل) بالنسبة للاستعانة بأجنبى، وخلال تسعين يوم عمل (أى خمسة أشهر كاملة) من تاريخ تقديم الطلب فى حالة دمج مؤسسة غير حاصلة على صفة النفع العام مع مؤسسة ذات نفع عام وبقرار من رئيس مجلس الوزراء أو من يفوضه. ومن اللافت للنظر أنه فى حالة جمع التبرعات فالمدة هى خلال ستين يوما لتقديم الطلب وخلال ثلاثين يوم عمل للبت فيه من الجهة الإدارية. ومن اللافت أيضا أنه لم يتم تحديد مدة لانضمام مؤسسة أو الانتساب أو المشاركة أو التعاون مع جمعية أو هيئة أو منظمة محلية.
وأرى أن فترة الستين يوما أو ستين يوم عمل أو التسعين يوم عمل فترات طويلة جدا بالنسبة لمسائل خمس من السالف ذكرها (باستثناء انضمام مؤسسة بأخرى): فالحصول على موافقة الوحدة خلال هذه المدد يعطى جهة الإدارة الحق فى منح الموافقات قبل تمام انقضائها، بمعنى أى تاريخ خلال هذه المدد، وليس هناك ذكر فى النصوص إلى وجوب الإسراع بمنح الموافقات لما لها من تأثير مباشر فى تيسير العمل للجمعيات. فالمبادرات مثلا غالبا ما تنشأ تلبية لحاجة ملحة للفئات المستهدفة مثل التصدى لكوارث طبيعية مثل سيول أو أوبئة أو غيرها وتداعياتها من الأمور التى لا تحتمل التأخير والتى قد يستغرق معالجتها أو الحد من آثارها مددا طويلة. كما ألزمت اللائحة القائمين على المبادرات بالتقدم بعد مرور سنة للجهة الإدارية لتجديد الترخيص وبعد المرور بنفس الإجراءات، إذ نصت الفقرة الأخيرة من المادة 22 على «فى جميع الأحوال لا يجوز أن تزيد مدة التنفيذ على عام ميلادى قابلة للتجديد بعد موافقة الوحدة».
كما أن التأخير فى منح الموافقة لجمع التبرعات أو قبول وتلقى الأموال العينية يؤثر سلبا على الجمعيات التى تكون فى أمس الحاجة للأموال النقدية والعينية لتنفيذ برامجها.
***
وبخصوص الاستعانة بالأجانب سواء فى صورة خبراء أو عاملين دائمين أو مؤقتين أو متطوعين فإن ذلك غالبا ما يكون لعدم توافر هذا النوع من الخبرة لدى الجمعية أو المؤسسة، الأمر الذى قد يتكشف قبل أو أثناء تنفيذ مشاريع وبرامج الجمعية. وبما أن التمويل المتاح للمجتمع الأهلى بصفة عامة عادة ما يكون قصير المدى (من سنة إلى ثلاث سنوات قابلة للتجديد) فإن هذه المدة للاستعانة بالأجنبى لا تتيح الاستفادة من خبراته الاستفادة التامة خلال المدة. ومن ناحية أخرى لو كانت اللائحة نصت على فترة أقصر لما كانت هناك الحاجة إلى منح بعض الفئات استثناء من مهلة الستين يوما المشار إليها وفقا لما يراه الوزير المختص من اعتبارات الصالح العام، كما ورد فى الفقرة الأخيرة من المادة 113. كما لم يتم توضيح ما هى الإجراءات فى حالة عدم موافقة الوحدة أو الوحدة الفرعية على اشتراك الأجانب فى الجمعية. هل تعتبر موافقة ضمنية عند انقضاء مدة الستين يوما؟
وأخيرا، فقرار أى مؤسسة أهلية فى التعاون أو الدمج مع مؤسسة أخرى، سواء كانت ذات نفع عام أم لا، هو لغرض تكامل الأنشطة والمشاريع بينهما وتعزيز العمل الأهلى والتوسع فى الفئات المستفيدة والفترتان (ستين يوما بالنسبة للتعاون أو الدمج مع مؤسسة وتسعين يوما بالنسبة للدمج مع مؤسسة ذات نفع عام) هما فترتان طويلتان مما يخشى منه تحجيم فعالية تنفيذ هذه البرامج.
ومن اللافت للنظر أن تستغرق موافقات الجهة الإدارية من ستين يوما إلى تسعين يوم عمل فى حين حُددت المدة المفروضة على الجمعية أو المؤسسة لإزالة المخالفات بألا تقل عن خمسة عشر يوما فقط (بند 1 من المادة 74) وإلا تعرضت لعقوبات إدارية منها وقف النشاط لمدة سنة أو حل الجمعية أو مجلس إدارتها أو مجلس أمنائها لو كانت مؤسسة إذا لم تتم إزالة المخالفة أو لم يتم الرد على الجهة الإدارية. وفى تقديرى إنه كان ينبغى التفرقة بين أنواع المخالفات فهناك مخالفات يمكن إزالتها فى خمسة عشر يوما وأخرى تتطلب وقتا أكثر من ذلك بكثير. ولذا فقد كان من الأحرى النص على حد أدنى وأقصى للمدة حسب نوع المخالفة. كما أنه من غير المفهوم ألا تُحدد مدة إزالة المخالفة بالنسبة للمنظمات الأجنبية غير الحكومية، مثلها مثل الجمعيات والمؤسسات المصرية، إذ نصت المادة 115 الخاصة بالمنظمات الأجنبية على أن «تقوم الوحدة بإخطارها لإزالة أسباب المخالفة خلال المهلة المبينة بالإخطار».
أما بالنسبة لتجديد تصريح عمل المنظمة الأجنبية غير الحكومية فهناك فجوة زمنية ثلاثين يوم عمل بين التقدم بالطلب والموافقة عليه من الوزير المختص إذ تنص المادة 111 على التقدم بالطلب قبل انتهاء مدة الترخيص بستين يوما ثم يصدر قرار بتجديد الترخيص فى الطلب خلال تسعين يوما من تاريخ طلب التجديد أى أن هناك ثلاثين يوما تصبح المنظمة بلا ترخيص. ولم توضح المادة ما هو وضع المنظمة أثناء هذه الفترة، كما أنى لست متأكدة من هو الوزير المختص بإصدار قرار التجديد: هل هو وزير الخارجية أم وزير التضامن، وما هى الجهات المعنية التى تبحث المسألة مع الوزير المختص؟
استشارى حقوق الطفل