صحة النفس: أوان الوحدة.. وأيام البهجة
ليلى إبراهيم شلبي
آخر تحديث:
الجمعة 26 يناير 2024 - 10:40 م
بتوقيت القاهرة
الشعور بالوحدة والعزلة عن العالم ليس بالضرورة ناجما عند كبار السن من واقع يفرض نفسه إذا ما اضطروا للحياة بمفردهم بعد زواج الأبناء ورحيل الأصدقاء، إنما هو راجع لانحسار الذاكرة وتراجع بعض القدرات الإدراكية.
تلك هى النتيجة التى تؤكدها دراسة علمية هولندية جاءت فى تقرير عن فقدان الذاكرة (Dementia) نشر فى الدورية العلمية Jourmal of Neurology & Paychiatey فى تلك الدراسة التى شملت رصد عوامل هامة ومحددة لدى ألفين ومائتين من المسنين الذين يعيشون فى مدنية أمستردام بهولندا وتتراوح أعمارهم بين خمسة وستين وخمسة وثمانين عاما. كان انحسار الذاكرة وراء ارتفاع نسبة الذين يعانون من الشعور بالوحدة إذ ينعزلون تدريجيا عن العالم المحيط بهم بدلا من محاولة التشبث به.
انحسار الذاكرة وتراجع قدرات الإدراك يحول دون الرغبة فى الاندماج فى المجتمع ربما للمواقف المحرجة التى يتعرض لها المسن فى مواجهة مجتمع سريع الإيقاع. هناك أيضا الاحتمال الموازى الذى تطرحه الدراسة والذى يشير إلى أن وحدة الإنسان الذى يعيش بمفرده تثبط من حدة حواسه وتنقص من العوامل التى تحفز إدراكه أو تستدعى رغبته فى تذكر الأشياء أو التأكيد على وجودها.
تضرب الدراسة مثلا بأن زواجا فاشلا قد يحمل إلى نفس الإنسان إحساس الوحدة القاتم رغم أنه يعيش فى مجتمع نشط. الوحدة فى تلك الحالة إحساس ثقيل يلازم الإنسان رغم أنه لا يعيش بمفرده إنما يهاجمه هذا الشعور كجزء من المعاناة من الضغط العصبى الذى يجب مقاومته.
تسجل دراسة سابقة أن للضغوط أثرا أقل إذا ما قاومها الإنسان ولجأ إلى محاولة تجديد علاقاته الاجتماعية وتوسيع دائرة معارفه.
تنصح الدراسة من يعانون الإحساس بالوحدة ممن يتمتعون بذاكرة واعية أو من يعانون من متاعب أولية منها أن ينتبهوا للأثر المدمر الذى يمارسه هذا الإحساس البغيض على حياتهم.
الارتباط بالمجتمع فى صور مختلفة مثل الاشتراك فى أنشطة اجتماعية خيرية أو التردد على المتاحف والمعارض الفنية أو متابعة أفلام السينما والأعمال المسرحية برفقة معارف أو أصدقاء، تبنى أفكار وهوايات جديدة كلها وسائل فاعلة فى طرد تلك الأحاسيس الكئيبة التى يمكن أن تساهم فى تطور حالات انحسار الذاكرة سواء كان فقدانا للذاكرة أو مرض الألزهايمر.
الواقع أن مشاكل التقدم فى العمر تلقى اهتماما بالغا فى المجتمعات المتقدمة حتى إنه الآن قد عرف عالميا تخصصا من تخصصات علم الأمراض الباطنية يهم بكل ما يتعلق بالشيخوخة والتقدم فى العمر.
فى بلادنا نحن ما زلنا فى أول الطريق لكن الأمر لا يخلو من ضوء يلوح فى نهاية النفق.
قد تكون الوحدة خيرا من جليس السوء حقا كما اعتدنا أن نردد لكن المشاركة والألفة واللمة بلاشك أفضل وأقوى أثرا خاصة مع التقدم فى العمر فى نفوس كل الناس.
دمتم جميعا سالمين ودامت أيام البهجة.