صوت الألوان
ليلى إبراهيم شلبي
آخر تحديث:
الإثنين 26 مارس 2012 - 9:05 ص
بتوقيت القاهرة
استوقفتنى هذا الأسبوع تجربة فاتنة تحدث عنها صاحبها فى حديث إذاعى بثته إذاعة B.B.C البريطانية. نيل هاريسون شاب إنجليزى حرمه قدره من تمييز الألوان. حتى الحادية عشرة من عمره لم يكن نيل يعرف أن هناك نسخة أخرى من الحياة بالألوان غير تلك التى اعتادها رمادية ملتبسة فى عينيه.
تم تشخيص حالته على أنها حالة من عمى الألوان الكامل وهى حالة صادمة بالغة الندرة. كانت للفتى روح فنان مرهف فقرر التقدم لدراسة الفنون، الأمر الذى أثار دهشة الأساتذة لكنه بلا شك أثار أيضا الكثير من مشاعر الاحترام والرغبة فى معاونته فقبلوه لدراسة الرسم التصويرى باللونين الأبيض والأسود.
بدأت تجربة هاريسون لفهم الألوان بوجدان متلهف على تمييزها والإحساس بها بعد أن عجزت عيناه عن رؤيتها وترجمتها.
بحث هاريسون عن تجارب فى التاريخ تربط بين اللون والصوت الأمر الذى قاده لحضور محاضرة عن علاقة التقنيات الإلكترونية بحاجة الإنسان الخاصة. التقى بعدها بالمحاضر الذى تصادف وكان طالبا موهوبا فى جامعة بليموث الإنجليزية توقف كثيرا عن رغبة هاريسون فى فهم الألوان وربطها بالأصوات على حد تعبيره. نجح الطالب الموهوب فى اختراع صنيعه معها يمكن لهاريسون أن يتعرف على الألوان بصورة خاصة به تماما. كانت وسيلته كاميرا انترنت وكمبيوتر وسماعتين زودهما ببرنامج إلكترونى يترجم أن لونا يظهر أمام هاريسون إلى صوت محدد.
تتمايز الألوان بترددات معينة تعلن عنها كل على حدة.
يساعد هاريسون هوائى مثبت فى رأسه ليلتقط تلك الذبذبات والترددات وشريحة إلكترونية تتولى ترجمتها من ترددات إلى ألوان!
لم يكن من الممكن أن يتصنت إلى تلك الترجمة إلا من خلال عظام الأذن الأمر الذى سبب له صداعا قاتلا لأيام لكنه ثابر وصبر على احتماله فقد كانت تلك الوسيلة الوحيدة لأن يرى الألوان، حقق هاريسون حلمه الذى كان مستحيلا وأصبح لديه عالم بهيج مليئ بالألوان التى هى من صنعه إذ إنه وحده دون كل البشر القادر على رؤيتها أو بمعنى آخر سماعها.
تجربة بلا شك باهرة تستحق أن يحتفظ بها كل من يدرك عمق المعنى الإنسانى فيها فى ذاكرته عله يسترجعها يوم الحاجة إليها.