صباح الصحة والسعادة العلم والشريعة بادرة الوفاق المرتقب
ليلى إبراهيم شلبي
آخر تحديث:
الجمعة 26 مارس 2021 - 9:50 م
بتوقيت القاهرة
أيام قليلة ويبدأ شهر الصيام الكريم. مشقة يحتملها المسلمون ويسعون إلى احتمالها راضين مهما كلفتهم فماذا قد يتغير فى عام ربما فاق أعوام الرمادة فى قسوتها. فى كل عام ومع بدايات شهر الصوم ينتظر الأطباء السؤال التقليدى الذى يسأله المريض على اختلاف الأمراض والأعراض طبعا أنا هصوم السنة دى يا دكتور؟
هى بلاشك إجابة فى صورة سؤال فليس هناك من مرضانا من يقتنع بأن من حقه أن يستعمل تلك الرخص الكريمة التى منحها الله لمن لا يقدر على مشقة الصيام بسبب المرض. وقد توافق الرأى وما يقره العلم: الصيام بالفعل صحة لكن للسليم الذى لا يعانى مرضا، ويستثنى من هذا الماء، فبرامج الصيام الصحى تفرض شرب الماء ولا تستثنيه.
يتولى الإعلام خلال شهر رمضان من كل عام مسئولية الحديث إلى الناس عن الصيام. بالطبع يلجأ الإعلام للأطباء للحديث وإبداء الرأى الذى يميل دائما إلى حث الناس على الصوم ومحاولة مواءمة ما يعانون من أعراض مع ضرورة الصوم إظهارا لحسن النوايا والرغبة فى إعلاء شأن القيم الروحية. تلك بلا شك ما أظنهم يقصدونه، وإن كنت فى الواقع أسلك سلوكا قد يعد موازيا. الواقع أننى كنت دائما مع تلك الرخصة التى منحها الله للانسان ليعفيه من تلك المشقة، بل ويثيبه أيضا عن مشاركة طعامه لمسكين.
هذا العام أسرتنى بادرة طيبة أردت أن أشرككم فيها، ليس فقط لأنها أعفتنى من تلك الحيرة التى تتملكنى كل عام وأنا أحاول إقناع مرضانا بالإفطار وأداء الفريضة الإنسانية بإطعام المحتاجين، بل أيضا لأنها بادرة تجمع بين رأى العلم والدين معا فى صيغة واضحة مقبولة، بلاشك يستطيع كل الأطباء اللجوء إليها ما دون حرج أو تردد.
المبادرة تصدر عن «رابطة السكر فى رمضان، والتى أسسها الأستاذ الدكتور محمد حسانين، ويشارك فيها بالرأى دار الافتاء المصرية، إذن فقد اجتمع العلم والشرع على رأى بإذن الله. يُعفى الأطباء من الاجتهاد ويُفسح المجال لرؤية واضحة يتفق عليها الجميع، التقدير المبدئى لعدد مرضى السكر فى مصر يصل إلى ثمانية ملايين يصوم منهم ٦٧٪ رمضان دون أخذ نصيحة الأطباء فى الاعتبار.
أكتب اليوم عن تلك المبادرة التى أتمنى لو امتدت لكل الأمراض التى تعانيها الناس فتزداد قسوة لإصرارهم على الصوم كما لو كان العبادة الوحيدة المميزة رغم أنها العبادرة الوحيدة التى قبل سبحانه وتعالى عنها الأعذار وأحل الإفطار.
يتعرض مريض السكر لمخاطر كثيرة مع الصيام فى شهر رمضان:
أولها انخفاض مستوى السكر فى الدم بصورة خطيرة تهدد حياة الإنسان أو الارتفاع الشديد فى منسوب السكر فى الدم إثر الانتهاء من الإفطار، الصيام لفترة طويلة دونما شرب الماء قد يؤدى للجفاف والفشل الكلوى الحاد إلى جانب احتمال ارتفاع نسبة السموم الكيتونية فى الدم.
رابطة السكر فى رمضان وضعت ضوابط واضحة تحدد لمرضى السكر من يمكنه الصيام ومن لا يجب إطلاقا التفكير فيه بل ليبدأ بالتفكير فى كيفية إرضاء الله سبحانه وتعالى بمد يد كريمة سخية لعباده من المحتاجين.
المجموعة الأولى من المرضى والتى لا يمكن لمريض السكر فيها من الصيام تبدأ بمن عانى من انخفاض حاد فى السكر خلال الشهور الثلاثة التى تسبق شهر رمضان.
أو أى مريض أصيب بارتفاع حاد فى منسوب الجلوكوز يتخطى ٥٠٠ مجم/مل. ثم أى مريض أصيب بارتفاع الأحماض الكيتونية فى الدم فى الشهور الثلاثة التى تسبق شهر رمضان.
تضم أيضا المجموعة من يعالجون بالأنسولين ومن يعانون من تذبذب مستويات السكر وأولئك الذين يسجل معدل السكر التراكمى لديهم رقما أعلى من ٧.
مرضى السكر والفشل الكلوى وأمراض الشرايين ثم كبار السن والمعتلون صحيا.
المجموعة الثانية ليست على نفس درجة الخطورة لكنها مجموعة من المرضى الذين انتظموا فى أدوية وعلاجات قد تضمن لهم ثباتا فى مستوى السكر إلى حد ما.
المجموعة الثالثة تلك المجموعة التى تعالج تحت إشراف مستمر ولا تعانى من مضاعفات.
تحية واجبة لهذا التعاون بين أهل العلم والشرع، والذى أستأذن فى نشره بالتفصيل فى صفحتنا القادمة إن شاء الله. مثل بالفعل يحتذى لمن أرادوا الاجتهاد فى سبيل الله بدلا من محاولة الاجتهاد لإقرار العزائم بديلا لاستخدام الرخص الإلهية التى يجب أن نقبلها عن طيب خاطر وصدر رحب وشكر يليق بجلال الله سبحانه.
تلك بلاشك صورة من صور تجديد الخطاب الدينى.
كل عام وأنتم بخير سالمين بإذن الله تعالى