خلى السلاح صاحى
عماد الدين حسين
آخر تحديث:
الأربعاء 26 مارس 2025 - 6:50 م
بتوقيت القاهرة
صباح أمس الأول الثلاثاء شهدت «الأكاديمية العسكرية المصرية» فى مقرها الجديد والمتسع حفل برنامج انتهاء فترة التدريب العسكرى لطلبة الأكاديمية بحضور الفريق أول عبدالمجيد صقر وزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة والفريق أحمد فتحى خليفة رئيس الأركان وعدد من قيادات القوات المسلحة.
خلال فقرات الحفل الذى استمر حوالى ساعتين كان هناك عرض «للموسيقات العسكرية»، حيث عزفوا بمهارة العديد من الأغنيات الوطنية، وجزء كبير منها يعود إلى فترة الستينيات من القرن الماضى.
استوقفتنى العديد من الأغنيات الحماسية مثل «اسلمى يا مصر إننى الفدا» و«وطنى الأكبر»، لكن الأغنية التى وجدت أنها تعبر بدقة عن الوضع الحالى فى كل المنطقة كانت أغنية «خلى السلاح صاحى» والتى غناها الفنان الكبير عبدالحليم حافظ عام ١٩٦٨، من كلمات أحمد شفيق كامل وألحان كمال الطويل، ومطلعها يقول: «خلى السلاح صاحى صاحى صاحى.. لو نامت الدنيا صحت مع سلاحى.. سلاحى فى إيديا نهار وليل صاحى.. ينادى يا ثوار عدونا غدار».
طبعا الأغنية جاءت بعد هزيمة ٥ يونيو ١٩٦٧ الكارثية والتى ما تزال الأمة العربية تدفع بعض أثمانها حتى الآن، ولولا نصر أكتوبر ١٩٧٣ العظيم لكانت الصورة أكثر سوادا وقتامة.
ورغم اختلاف الظروف والتطورات الكثيرة منذ ١٩٦٧، وحتى الآن، فإن جوهر الصراع مع إسرائيل ما يزال كما هو لم يتغير تقريبا.
عدد من الدول العربية أقام علاقات مع إسرائيل ظنا أن ذلك سوف يساعد فى حل القضية الفلسطينية، ويجعل إسرائيل تلين وتتجه للسلام، لكن للأسف الشديد فإن النتيجة المتحققة على الأرض هى أن إسرائيل ازدادت قوة وعنفا وبلطجة وغشومية وعدوانية.
لا أطالب بإعلان الحرب وقطع العلاقات مع أمريكا الداعم الأول والأساسى لإسرائيل، او حتى استخدام اللغة الحنجورية، ولكن فقط أدعو الدول العربية لاستخدام أوراق القوة الموجودة فى يدها، بعد أن تبين للجميع أن الهدف الإسرائيلى ليس فقط تهجير الفلسطينيين من غزة والضفة، أو حتى تصفية القضية الفلسطينية، ولكن إقامة إسرائيل الكبرى من النيل للفرات.
كثيرون سخروا من مقولة جمال عبدالناصر بأن «الصراع مع إسرائيل صراع وجود وليس صراع حدود». وأظن الآن أن الجميع بات يرى الحقيقة مجسدة على الأرض. لا فرق بين المتطرفين أمثال بنيامين نتنياهو وايتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش وبين من يصنفون أنفسهم معتدلين أمثال يائير لابيد وبينى جانتس.
كلهم يتفقون على ضرورة منع قيام دولة فلسطين، وكلهم ينظرون باستعلاء للعرب، وكلهم يقولون إنه لا يوجد أبرياء ومدنيون فى قطاع غزة، وبالتالى لا مانع من قتلهم، والآن أنشأوا وكالة خاصة لتهجير الفلسطينيين «طوعيا»، بعد أن دمروا معظم قطاع غزة وجعلوه مكانا غير صالح للحياة.
من أجل كل ما سبق لا بد أن يكون السلاح صاحيا ومستعدا فى كل لحظة وحين، حتى فى ظل وجود اتفاقيات السلام.
أن تكون قويا فذلك فقط هو الذى يمنع الآخرين من التحرش بك ثم التهامك، لا فرق بين أن يكون هذا «الآخر» صديقا أو عدوا أو حتى «بين بين».
الولايات المتحدة ومعها إسرائيل، وبمساعدة عملاء وأوضاع داخلية ومجتمعات هشة تمكنت من تفكيك العديد من الدول وكان هدفها الأول هو تفكيك الجيوش الوطنية وتشجيع إنشاء ميليشيات طائفية وعرقية وجهوية وللأسف تمكنوا من النجاح فى ذلك فى أكثر من بلد، والحمد لله أنهم فشلوا تماما فى نقل هذا النموذج إلى مصر.
حاولوا كثيرا وفشلوا ومنذ توقيع اتفاق السلام مع إسرائيل عام ١٩٧٩، قالوا لنا: «لماذا تصرون على وجود جيش كبير عقائدى لقد تصالحتم معنا، فما الداعى لذلك»؟!
واليوم عرفنا لماذا أصرت مصر على تحديث جيشها دائما، ولماذا كان ضروريا أن نمتلك أحدث أنواع الأسلحة، حتى فى عز الأزمات الاقتصادية التى عصفت بنا.
«أن يكون سلاحنا صاحيا وقواتنا فى أتم حالات الجاهزية والاستعداد دائما، أمر شديد الأهمية، خصوصا أن العدو غدار والمنطقة فى أشد حالات رخاوتها وضعفها.