انتخابات متكررة تقضى على كل المخاوف
عماد الدين حسين
آخر تحديث:
الأحد 27 مايو 2012 - 8:00 ص
بتوقيت القاهرة
لو أوجدنا نظاما سياسيا قويا يشمل انتخابات برلمانية ورئاسية متكررة فإنه لا ينبغى علينا ــ فى هذه الحالة ــ أن نخشى من فوز هذا أو ذاك.
بعض الليبراليين لديهم كابوس أن ينجح مرشح الإخوان محمد مرسى والإسلاميون وغالبية قوى الثورة يخشون نجاح أحمد شفيق.
مشكلتنا جميعا أننا نتعامل مع هذه الانتخابات الرئاسية، وقبلها الانتخابات البرلمانية باعتبارها الانتخابات الأخيرة.
سنفترض أن المصريين انتخبوا محمد مرسى مرشح الإخوان رئيسا، ثم تبين لهم ان كل ما وعد به كان مجرد أحلام وردية وأنه جاء لتنفيذ مخطط خفى لـ«أخونة» مصر وتغيير هويتها، فى هذه الحالة، يستطيع هذا الشعب أن يغير مرسى فى الانتخابات المقبلة.
وسنفترض أيضا أن المصريين ــ وبدافع اليأس ــ انتخبوا أحمد شفيق رئيسا وبعد أن وصل إلى الكرسى قام بإخراج مبارك من محبسه الطبى وعينه زعيما روحيا للأمة، وأصدر عفوا عن العادلى وعينه مشرفا عاما على الأمن، وعين أحمد عز وزيرا للاقتصاد.
لو كان لدينا نظام انتخابى حقيقى فإن الشعب سيتظاهر فى هذه الحالة بطريقة ديمقراطية ويغير شفيق ويأتى برئيس جديد.
نفس الأمر ينطبق على أى مرشح آخر، المهم أن ينطلق القطار على قضبان صحيحة. قد يعتقد البعض أن كل ما سبق كلام نظرى غارق فى المثالية ومنفصل عن الواقع، وقد يكون كذلك، لكنه فى الحقيقة ليس كذلك.
لو لم نضمن وجود دستور عصرى يعبر عن كل مكونات الأمة، ويكون ديمقراطيا وتعدديا فى جوهره ويعمل على تنمية قوى سياسية حقيقية وفاعلة، فإن أى مرشح يفوز فى الانتخابات سيتحول إلى ديكتاتور حتى لو كان أفضل مدافع عن الديمقراطية.
الكارثة هى أن يكون هناك طرف أو أطراف فاعلة فى العملية السياسية تستعمل الديمقراطية والتعددية وصناديق الانتخاب وسيلة للصعود إلى السلطة ــ كما فعل هتلر عام 1929 فى ألمانيا ــ ثم إلغاء الانتخابات وعدم النزول عن كرسى الحكم إلا بانقلاب أو ثورة أو كارثة شاملة.
الخشية أن تكون هناك أطراف تناور وتخادع من أجل محاربة وجود دستور مدنى ديمقراطى حتى لا يمنعها من امتطاء قطار الديمقراطية وصولا إلى أهدافها الغامضة.
لو لدينا آلية حقيقية ومنتظمة ومحمية لتداول السلطة فلن تكون هناك مشكلة حتى لو وصل «الجن الأزرق أبوعين زجاج» إلى الحكم، لأننا وقتها سنكون قادرين على تغييره.
الكارثة تبدأ حينما تتواطأ أجهزة وقوى سياسية على ضرب العملية السياسية السوية والطبيعية وإدخالها فى متاهات قانونية ودستورية وسياسية مصحوبة بغياب الأمن وانتشار البلطجة والمزيد من الأزمات الاقتصادية والحياتية، وهى حالة تقود فى النهاية إلى تكفير الناس بالديمقراطية، وتهيئة المناخ للقبول «بقليله» بل ومناشدة السلطة ــ أى سلطة ــ بضرورة استخدام قانون الطوارئ وهجر الديمقراطية حتى ينضج الشعب كما ادعى سابقا أحمد نظيف وآخرون.
لو استيقظ التيار الدينى والتيار الليبرالى من سباتهما، لأدركا أن عنادهما ضد بعضهما البعض الآن سيدفعان ثمنه بصورة باهظة ولسنوات طويلة فى المستقبل.
يعتقد كلا التيارين أنه قادر على السباحة بمفرده فى بحر السياسة المتلاطم، فى حين أنه ثبت أنهما لا يعرفان السباحة أصلا.
الفرصة لم تتلاش حتى الآن لإنقاذ الثورة وأمام القوى الثورية فرصة لتصحيح المسار والتوحد على أهداف متوافق عليها وهجر الخلافات الثانوية قبل أن يستيقظوا على كابوس قد لا يفيقون منه لسنوات طويلة.